غزوة فتح مكة في ضوء السنة المطهرة
غزوة فتح مكة في ضوء السنة المطهرة
Araştırmacı
د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني
Yayıncı
مطبعة سفير
Yayın Yeri
الرياض
Türler
(١) انظر: زاد المعاد، لابن القيم، ٣/ ٤٤٠، وانظر أيضًا: عبد العزيز العبيدي، من معارك المسلمين في رمضان، ص٢٩. (٢) روى البخاري عن عروة بن الزبير ﵄ قال: «لما سار رسول الله ﷺ عام الفتح، فبلغ ذلك قريشًا، خرج أبو سفيان بن حرب، وحكيم بن حزام، وبُديل بن ورقاء، يلتمسون الخبر عن رسول الله ﷺ فأقبلوا يسيرون، حتى أتوا مرَّ الظهران، فإذا هم بنيران، كأنها نيران عرفة، فقال أبو سفيان: ما هذه؟ لكأنها نيران عرفة، فقال بديل بن ورقاء: نيران بني عمرو، فقال: أبو سفيان: عمرو أقل من ذلك، فرآهم ناس من حرس رسول الله ﷺ، فأدركوهم فأخذوهم، فأتوا بهم رسول الله ﷺ، فأسلم أبو سفيان، فلما سار قال للعباس: احبس أبا سفيان عند خطم الجبل، حتى ينظر إلى المسلمين، فحبسه العباس، فجعلت القبائل تمر مع النبي ﷺ، تمر كتيبة كتيبة على أبي سفيان، فمرت كتيبة، فقال: يا عباس، من هذه؟ قال: هذه غفار، قال: ما لي ولغفار، ثم مرت جهينة، فقال مثل ذلك، ثم مرت سعد بن هذيم، فقال مثل ذلك، ثم مرت سُليم، فقال مثل ذلك، حتى أقبلت كتيبة لم ير مثلها، قال: من هذه؟ قال: هؤلاء الأنصار عليهم سعد بن عبادة معه الراية، فقال سعد بن عبادة: يا أبا سفيان «اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الكعبة، فقال أبو سفيان: يا عباس، حبذا يوم الذمار، ثم جاءت كتيبة، وهي أجل الكتائب، فيهم رسول الله ﷺ وأصحابه، وراية النبي ﷺ مع الزبير، فلما مرّ رسول الله ﷺ بأبي سفيان، قال: ألم تعلم ما قال سعد بن عبادة؟ قال: ما قال؟ قال: قال كذا وكذا، فقال: كذب سعد، ولكن هذا يوم يعظّم الله فيه الكعبة، [ويوم تكسى فيه الكعبة] قال: وأمر رسول الله ﷺ أن تركز رايته بالحجون، قال عروة: فأخبرني نافع بن جبير بن مطعم قال: سمعت العباس يقول للزبير [بن العوام]: يا أبا عبد الله، أهاهنا أمرك رسول الله ﷺ أن تركز الراية؟ قال: نعم، قال: وأمر رسول الله ﷺ يومئذ خالد بن الوليد أن يدخل من أعلى مكة من كداء، ودخل النبي ﷺ من كُدى، فقُتل من خيل خالد بن الوليد يومئذ رجلان: حبيش بن الأشعر، وكرز بن جابر الفهري»، [أخرج البخاري في المغازي، باب أين ركز النبي ﷺ الراية يوم الفتح، برقم ٤٢٨٠]، قال الحافظ في (الفتح)، ٨/ ١٠: قوله: وأمر رسول الله ﷺ يومئذ خالد بن الوليد أن يدخل من أعلى مكة من كداء، أي: بالمد، ودخل النبي ﷺ من كُدى، أي: بالقصر، قال الحافظ: وهذا مخالف للأحاديث الصحيحة الآتية أن خالدًا دخل من أسفل مكة، والنبي ﷺ من أعلاها، وكذا جزم ابن إسحاق أن خالدًا دخل من أسفل مكة، ودخل النبي ﷺ من أعلاها، وضربت له هناك قبة، وقد ساق ذلك موسى بن عقبة سياقًا واضحًا، فقال: وبعث رسول الله ﷺ الزبير بن العوام على المهاجرين وخيلهم، وأمره أن يدخل من كداء من أعلى مكة، وأمره أن يغرز رايته بالحجون، ولا يبرح حتى يأتيه، وبعث خالد بن الوليد في قبائل قضاعة وسليم وغيره وأمره أن يدخل من أسفل مكة، وأن يغرز رايته أدنى البيوت، وبعث سعد بن عبادة في كتيبة الأنصار في مقدمة رسول الله ﷺ وأمرهم أن يكفوا أيديهم، ولا يقاتلوا إلا من قاتلهم. [وقد جاءت الأحاديث الصحيحة الكثيرة أن النبي ﷺ دخل يوم فتح مكة من أعلاها من كداء، انظر: البخاري، برقم ٤٢٩٠، و١٥٧٥، و١٥٧٧ - ١٥٨١، ومسلم، برقم ١٢٥٧ - ١٢٦٠]. شرح الغريب: * (خطم الجبل) هذه اللفظة قد جاءت في كتاب الحميدي (خطم الجبل)، وفسرها في غريبه فقال: الخطم والخطمة: رعن الجبل، وهو الأنف النادر منه، والذي جاء في كتاب البخاري - فيما قرأناه - وفي غيره من النسخ (حطم الخيل) مضبوطًا هكذا، وذلك بخلاف رواية الحميدي، فإن صحت الرواية، ولم تكن خطأ من الكتاب، فيكون معناه - والله أعلم - أنه يقف به في الموضع المتضايق الذي تتحطم فيه الخيل، أي: يدوس بعضها بعضًا، ويحطم بعضها بعضًا، فيراها جميعًا، وتكثر في عينه، بكونها في ذلك الموضع الضيق، بخلاف ما إذا كانت في موضع متسع، وكذلك أراد بوقوفه عند خطم الجبل على ما شرحه الحميدي، فإن الأنف النادر من الجبل يضيق الموضع الذي يخرج فيه، والله أعلم. * (كتيبة) الكتيبة: واحدة الكتائب، وهي العساكر المرتبة. * (الملحمة): الحرب والقتال الذي لا مخلص منه. * (الذمار): ما لزمك حفظه، يقال: فلان حامي الذمار: يحمي ما يجب عليه حفظه. * (بالحجون): الحجون: أحد جبلي مكة من جهة الغرب والشمال. * (من كداء) كداء بالفتح والمد: ثنية من أعلى جبل مكة، مما يلي المقبرة، وكُدى - بالضم والقصر - ثنية من أسفل مكة. [جامع الأصول، ٨/ ٣٦٦]. وعن عبد الله بن عباس ﵄ قال: «لما نزل رسول الله ﷺ مرَّ الظهران، قال العباس: قلت: والله، لئن دخل رسول الله ﷺ مكة عنوة قبل أن يأتوه فيستأمنوه، إنه لهلاك قريش، فجلست على بغلة رسول الله ﷺ، فقلت: لعلِّي أجد ذا حاجة يأتي [أهل] مكة، فيخبرهم بمكان رسول الله ﷺ ليخرجوا إليه، فيستأمنوه، فإني لأسير [إذا] سمعت كلام أبي سفيان، وبديل بن ورقاء، فقلت: يا أبا حنظلة، فعرف صوتي، فقال: أبو الفضل؟ قلتُ: نعم، قال: ما لك فداك أبي وأمي؟ قلت: هذا رسول الله ﷺ والناس، قال: فما الحيلة؟ [قال]: فركب خلفي، ورجع صاحبه، فلما أصبح غدوت به على رسول الله ﷺ، فأسلم، قلتُ: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل يحب هذا الفخر، فاجعل له شيئًا، قال: نعم، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، قال: فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد». وفي رواية مختصرة: «أن رسول الله ﷺ جاءه العباس بن عبد المطلب بأبي سفيان بن حرب، فأسلم بمرّ الظهران، فقال له العباس: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل يحب هذا الفخر، فلو جعلت له شيئًا؟ قال: نعم، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن» أخرجه أبو داود، برقم ٣٠٢١، و٣٠٢٢ في الخراج والإمارة، باب ما جاء في خبر مكة، ومن حديث أبي هريرة ﵁ برقم ٣٠٢٤، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود، ٢/ ٢٥٦.
1 / 112