قَالَ بَشِير: بَلَى.
قَالَ: فَلِمَ فَرَّقْتُمْ بَيْنَهُمَا؟
قَالَ بَشِير: لأنَّ عِيسى ابن مريم ﵇ كانَ لَهُ رُوحانِ اثنتانِ في جَسَدٍ وَاحِدٍ: روحٌ يعلمُ بها الغيوبَ وما في قَعْرِ البحارِ وما ينحاث (١) من ورق الأشجار. وروحٌ يُبرئُ بها الأَكمهَ والأَبْرَصَ ويُحْيِي بها الموتى.
قَالَ الشَّيخُ: رُوحان اثنتانِ في جسدٍ واحد؟!!
قَالَ بَشِير: نعم.
قَالَ الشَّيخُ: فهل كانت القويَّةُ تَعْرِفُ مَوْضِعَ الضَّعِيفَةِ بَيْنَهُمَا أَمْ لا؟
قَالَ بَشِير: قَاتَلَكَ الله! ماذا تُرِيدُ أَنْ تَقُولَ إِنْ قُلْتُ إنَها لاَ تَعْلَمُ؟ وماذا تُرِيدُ إنْ قُلْتُ إِنَّها تَعْلَمُ؟
قَالَ الشَّيخُ: إِنْ قُلْتَ إنَّهَا تَعْلَمُ، قُلْتُ: فَمَا يُغني عنها قُوَّتُها حين لا تَطْرُدُ هذه الآفاتِ عنها!؟ وإن قُلْتَ إِنَّها لا تَعْلَمُ، قُلْتُ: فكيفَ تَعْلَمُ الْغُيُوبَ وَلاَ تَعْلَمُ مَوْضِعَ رُوحٍ معها في جَسَدٍ واحدٍ؟! فَسَكَت بَشِيرٌ!
قَالَ الشَّيخُ: أَسْأَلُكَ باللهِ! هَلْ عَبَدْتُمُ الصَّلِيبَ مَثَلًا لعيسى بن مريمَ أنَّهُ صُلِبَ؟