أطاع من أمرني به أن آمره، ويحتمل أن يكون المعنى: لأن الله أمر بطاعتي، فمن أطاعني، فقد أطاع أمر الله له بطاعتي، وفي المعصية كذلك، والطاعة هي الإتيان بالمأمور به، والانتهاء عن المنهيّ عنه، والعصيان بخلافه.
وقال السنديّ في "شرحه": يريد أنه مبلّغٌ عن الله، فمن أطاعه فيما بلّغ، فقد أطاع الآمر الحقيقيّ، ومثله المعصية، وهذا مضمون قوله تعالى: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا﴾ [النساء: ٨٠]، لكن سوق الآية في نسق المعصية؛ لإفادة أنه ليس على الرسول وبال المعصية؛ إذ ليس عليه إلا البلاغ، لا الحفظ، فوبال المعصية على ذلك العاصي. انتهى كلام السندي.
(وَمَنْ عَصَانِي) أي خالف أمري (فَقَدْ عَصى الله) والحديث مختصر، وقد أورده المصنّف رحمه الله تعالى في "كتاب الجهاد" تاما، ولفظه: "من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع الإمام، فقد أطاعني، ومن عصى الإمام فقد عصاني"، وسيأتي تمام شرحه هناك، إن شاء الله تعالى. والله تعالى أعدم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث أبي هريرة ﵁ هذا متّفقٌ عليه.
[تنبيه]: كتب في النسخة التي حققها محمد فؤاد عبد الباقي: ما نصّه: هذا الحديث مما انفرد به المصنّف. انتهى.
وهذا غلطٌ؛ كما يتبيّن من المسألة التالية، إن شاء الله تعالى.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا - ١/ ٣ وفي "الجهاد" ٣٩/ ٢٨٥٩ - وأخرجه (خ) في "الجهاد والسير" ٢٩٥٧ و"الأحكام" ٧١٣٧ (م) في "الإمارة" ١٨٣٥ (ن) في "البيعة" ٤١٩٣ و"الاستعاذة" ٥٥١٠ (أحمد) في "باقي مسند المكثرين"٧٣٨٦ و٧٦٠٠ و٢٧٣٥٠