Commentary on the Interpretation of Surah Al-Fil by Al-Frahi - Included in 'Aathar al-Muallimi'
التعقيب على تفسير سورة الفيل للفراهي - ضمن «آثار المعلمي»
Araştırmacı
محمد أجمل الإصلاحي
Yayıncı
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٣٤ هـ
Türler
رسالة في التعقيب
على تفسير سورة الفيل للمعلِّم عبد الحميد الفراهي
تأليف
عبد الرحمن بن يحيى المعلِّمي
تحقيق
محمد أجمل أيوب الإصلاحي
مقدمة 8 / 1
راجع هذا الجزء
عبد الرزاق بن موسى أبو البصل
علي بن محمد العمران
مقدمة 8 / 3
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدمة التحقيق
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذه رسالة قيمة للشيخ العلامة عبد الرحمن بن يحيى المعلمي ﵀، تعقّب فيها ما ذهب إليه العلامة المعلِّم عبد الحميد الفَراهي ﵀ في تفسير سورة الفيل.
وإذا كان المعلمي ﵀ من العلماء المشهورين، وقد عرفه أهل العلم بتحقيقاته البارعة ومؤلفاته النفيسة، وقد ترجم ترجمة مفصلة في مقدمة هذا المشروع، فإن المعلِّم ﵀ ــ على عبقريته وجلالة قدره ــ ظل مغمورًا في البلاد العربية إلى عهد قريب، إذ لم يقف أهل العلم فيها على مؤلفاته التي صدرت في الهند أيام الاحتلال الإنجليزي، وبعضها بعد الاستقلال، ثم نفدت قبل أن تصل إلى أيدي القراء العرب، إلا نسخًا قليلة متفرقة سقطت في أيدي بعض العلماء والباحثين، فأشادوا بها، وأفادوا منها. ومن ثَمّ لما أخرجتُ كتابه "مفردات القرآن" صدَّرْته بترجمة مفصلة بعض التفصيل (^١)، ومقتضى المقام أن أقتصر هنا على إيراد لُمَع من سيرته.
_________
(^١) انظر: مفردات القرآن (طبعة دار الغرب الإسلامي، بيروت، ١٤٢٢)، ترجمة المؤلف (١١ - ٤١). وبالعربية قد ترجم له العلامة السيد سليمان الندوي في آخر كتاب "إمعان في أقسام القرآن" (طبعة السلفية بالقاهرة)، وصاحب نزهة الخواطر (الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام) طبعة الهند (٨/ ٢٤٨ - ٢٤٩). ويراجع للتفصيل كتاب "ذكر فراهي" بالأردية للدكتور شرف الدين الإصلاحي، الذي صدر من الدائرة الحميدية في الهند في ٨٤٠ صفحة، و"مختصر حيات حميد" بالأردية طبعة الدائرة الحميدية.
مقدمة 8 / 5
(١) ترجمة المعلِّم ﵀:
هو عبد الحميد بن عبد الكريم، حميد الدين، أبو أحمد، الأنصاري، الفراهي. ولد صبيحة يوم الأربعاء سادس جمادى الآخرة سنة ١٢٨٠ في الهند، في قرية من أعمال "أعظَمْ كَرْهْ" أحد الأضلاع الشرقية من الإقليم الشمالي المسمى الآن "أُتَّرَبَرَدِيش" (^١).
اشتهر في الهند بلقبه "حميد الدين"، ولعله سُجل بهذا الاسم عندما التحق بالتعليم الرسمي، فكان يوقع به في المكاتبات والأوراق الرسمية، ولكنه آثر أن يكتب اسمه في أول كتبه العربية: "المعلم عبد الحميد الفراهي". أما "الفراهي" فنسبة معربة إلى قريته. وأما لقب "المعلم" فيظهر لي أنه لما كانت العلماء ورثة الأنبياء، ومن وراثة النبوة تعليم الكتاب والحكمة، وكان تدبر كتاب الله ﷿ ودراسة ما فيه من الأحكام والحكم ثم تعليمه للناس هو عمود حياة الفراهي العلمية، وذلك حظه من وراثة النبوة= اتخذ لنفسه لقب "المعلم".
ولد ﵀ في بيت علم ودين وشرف، وقرأ القرآن الكريم في منزله على مؤدبه الأول الشيخ أحمد علي وحَفِظه. ثم أخذ اللغة الفارسية في منزله
_________
(^١) الجمهورية الهندية مقسمة إلى ولايات، وكل ولاية إلى "أضلاع" جمع ضلع، وهو من مصطلحات العهد الإسلامي في الهند وما زال رائجًا حتى الآن، وضلع "أعظم كره" هو الذي ينتسب إليه الأعظميون في الهند. وكل ضلع يشتمل على مدن صغيرة وقرى، ومن المدن التابعة لضلع "أعظم كره": "مبارك فور" التي ينتسب إليها المباركفوريون.
مقدمة 8 / 6
أيضًا عن مؤدبه الثاني الشيخ محمد مهدي. ثم انتقل من قريته إلى مدينة "أعظم كره"، ودَرَس فيها اللغة العربية والكتب المتداولة في الفنون المختلفة على ابن عمته العلامة المؤرخ الأديب شِبْلي النعماني (ت ١٣٣٢)، وكان من أشهر أعلام الهند في القرن الماضي.
ثم رحل إلى مدينة "لَكْنَؤُو" عاصمة الإقليم الشمالي، وحضر دروس العلامة الفقيه المحدث الشيخ عبد الحي اللَّكْنَوي (ت ١٣٠٤)، وأخذ المعقولات عن الشيخ فضل الله بن نعمة الله الأنصاري (ت ١٣١٢).
ثم سافر إلى مدينة "لاهور" عاصمة البنجاب، وتلمذ لأديب العربية وشاعرها وشارح الحماسة والمعلقات الشيخ فيض الحسن السَّهَارَنْفُوري (ت ١٣٠٤)، وهو من شيوخ العلامة شبلي النعماني أيضًا، فقرأ عليه كتب الأدب العربي وبعض كتب المعقولات.
وبعدما تخرج في العلوم الشرعية والأدبية والمعقولات، وهو ابن عشرين سنة، اتجه إلى دراسة اللغة الإنجليزية والعلوم الحديثة، فالتحق بالمدرسة الثانوية، ثم كلية عَلِيكَرْهْ التي صارت فيما بعد جامعة، وهي الآن من أشهر جامعات الهند. وقد أعفي في الكلية من مادتي العربية والفارسية لطول باعه فيهما، بل كُلّف ترجمة كتابين من العربية إلى الفارسية ليقرَّر تدريسهما في كليته هو. وقد اعتنى بدراسة الفلسفة الحديثة، وحصل على درجة الامتياز فيها. وبعدما نال شهادة البكالوريوس، درس القانون (الحقوق) سنتين، ولكنه لم يكمل دراسته لكراهية الاشتغال بمهنة "الوكالة"، وكلمة الوكالة هي المستعملة في الأردية حتى الآن للمحاماة، والمحامي يسمى وكيلًا.
مقدمة 8 / 7
وبدأ الفراهي حياته الوظيفية سنة ١٣١٤ بتعيينه مدرسًا في "مدرسة الإسلام" بمدينة "كراتشي" وكانت مدرسة حكومية مرموقة، وأقام فيها أكثر من تسع سنوات. ثم عُيّن سنة ١٣٢٤ أستاذًا مساعدًا للغة العربية في كلية عليكره. وبعد سنتين عُيّن أستاذًا للعربية بجامعة "إلاهاباد"، ودرّس فيها ست سنوات إلى أن استعارت وظيفته دولة حيدراباد الدكن ليكون مديرًا لدار العلوم الشرقية فيها، فرحل إليها سنة ١٣٣٢. وأمضى خمس سنوات هناك، ثم استقال وعاد إلى وطنه سنة ١٣٣٧.
وقد زاره الدكتور تقي الدين الهلالي المراكشي ﵀ سنة ١٣٤٢، وطلب إليه أن يكتب له ترجمته، فكان مما كتب: "ولما كانت هذه المشاغل تمنعني عن التجرد لمطالعة القرآن المجيد، ولا يعجبني غيره من الكتب التي مللت النظر في أباطيلها، غير متون الحديث وما يعين على فهم القرآن، تركت الخدمة، ورجعت إلى وطني، وأنا بين الخمسين والستين من عمري. فيا أسفا على عُمُرٍ ضيَّعتُه في أشغال ضرُّها أكبر من نفعها! ونسأل الله الخاتمة على الإيمان" (^١).
فانقطع إلى تدبر القرآن الكريم، وتأليف كتبه في علوم القرآن، بالإضافة إلى الإشراف على "مدرسة الإصلاح" التي قد أسستها جمعية إصلاح المسلمين سنة ١٣٢٧، ورسم لها الفراهي بعد عودته من حيدراباد منهجًا دراسيًّا فريدًا لتعليم اللغة العربية والعلوم الإسلامية. وكان رئيسًا لمؤسسة دار المصنفين في مدينة أعظم كره التي قد أسسها مع العلامة السيد سليمان الندوي وغيره من تلامذة العلامة شبلي النعماني بعد وفاة شيخهم سنة
_________
(^١) مجلة الضياء، المجلد الثاني، العدد السابع، ص ٢٦٠.
مقدمة 8 / 8
١٣٣٢، وهي أشهر مجمع علمي في شبه القارة الهندية، وقد أخرجت كتبًا نفيسة كثيرة باللغة الأردية في السيرة والتاريخ والتراجم والأدب.
وتوفي ﵀ في تاسع عشر جمادى الآخرة سنة ١٣٤٩ على إثر عملية جراحية.
وكان ﵀ في أخلاقه مثالًا للسلف الصالح، فقد أجمع الذين جالسوه وعاشروه من شيوخه ومعاصريه على ورعه، وزهده في الصيت والسمعة، وتجنبه فضول القول وسفاسف الأمور. وكان غاية في اتباع السنة، والمحافظة على الصلوات، والغيرة على الدين، والحمية لشعائر الإسلام. وكان راتبه عاليًا، فيذهب جزء كبير منه في الإنفاق على الأقارب وذوي الحاجات، وقسم منه لشراء الكتب المطبوعة في مصر وأوربا.
وقد انفرد المعلِّم ﵀ من بين معاصريه من علماء الهند بأنه أول مَن تلقَّى الثقافة الغربية من موردها، فأتقن اللغة الإنجليزية، ودرس العلوم الحديثة فيها، ثم حاضر بها وألّف، فله رسالة مطبوعة باللغة الإنجليزية في الرد على عقيدة النصارى في الشفاعة والكفارة. ومعرفته للغة الإنجليزية قد فتحت له بابًا واسعًا للاطلاع على كل ما صدر فيها مما يهمّه من كتب الأدب والشعر والبلاغة والفلسفة وتاريخ اليهود والنصارى وما كتبه المستشرقون عن القرآن الكريم والعلوم الإسلامية.
وقد تعلم اللغة العبرانية يوم كان أستاذًا في كلية عليكره، فنظر في صحف أهل الكتاب المتداولة وقرأها بالعبرانية. وقد أعانه ذلك على الكشف عن تحريفاتهم وتفسير بعض الإشارات الواردة في القرآن الكريم في الرد على اليهود مما يخفى على غير المطلع على كتبهم.
مقدمة 8 / 9
وفي دراسة الفلسفة والمنطق لم يقتصر الفراهي على التراث العربي، بل كان يتابع ما يصدر في الغرب من أحدث المطبوعات في الفلسفة والمنطق، ويقرؤها قراءة بحث ونقد ومقارنة. ومن ثم كان أعلم الناس بمضرة كتب الفلسفة وانحرافات الفلاسفة القدماء والمُحدَثين. اقرأ ما قاله في ذكر أحد الأسباب السبعة التي بعثته على تأليف كتابه "حجج القرآن":
"والثاني: ما تعلق بالذين معظم همهم المعقول من المنطق والفلسفة، فإنهم قد ابتلوا بعقليات سافلة زائغة عن طريق الفطرة والهدى، مفضية إلى الحيرة وصريح العمى، كما لا يخفى على من نظر في خزعبلات المتفلسفين العاشين عن نور الوحي والكتاب. ولذلك حذَّر السلف من الاشتغال به، ولكن أبى الناس إلا النظر فيه، والولوع به، والإخلاد إليه؛ ثم بعد التجربة عرفوا مضارها. فمنهم من أبطل بعض أباطيلها، وأبقى بعضها محسنًا به ظنه كأبي حامد ﵀، فإنه بيّن تهافت ما في إلهيات اليونانيين، ولكنه هو الذي أدخل منطقهم في الإسلام، فكان كمن قتل الأفعى وربّى أولادها. وكذلك اتخذ أخلاقياتهم، وبنى عليها كتابه "ميزان العمل"، فلم يخرج عن اتباع الفلاسفة مع غلوه في ردهم. وأما ابن مسكويه والطوسي وأمثالهما فهم مجاهرون بتقليد اليونانيين في الأخلاقيات. ومنهم من انتبه لأكثر من ذلك كابن تيمية ﵀، فردّ على المنطقيين ردًّا طويلًا، ودل على زيغ نهج المتكلمين ... " (^١).
ولكن الكتاب الذي ملك عليه عقله وقلبه هو كتاب الله الذي كان ألذ كتاب وأحبه إليه. وقد بدأ تدبره أيام طلبه في كلية عليكره، وانكشف له
_________
(^١) حجج القرآن (٢٠). والجدير بالذكر أن الفراهي قد نسخ بيده كتاب "الرد على المنطقيين" لشيخ الإسلام ونسخته هذه محفوظة في مكتبة "دار المصنفين" بأعظم كره.
مقدمة 8 / 10
حينئذ نظام بعض السور، وظل القرآن هو المحور لجهوده الفكرية والعلمية. وقد اجتهد في الحصول على جميع أنواع المعارف التي تعين على فهم القرآن، وسخَّر كل الوسائل التي تُيسر الوصول إلى تلك الغاية.
وقد أقام على هذا التدبر المتصل لكتاب الله ودراسته العميقة إلى آخر حياته، وخطط لتأليف اثني عشر كتابًا في علوم القرآن غير تفسيره الذي سماه "نظام القرآن وتأويل الفرقان بالفرقان"، وبعض مقدمات التفسير التي أفردها لتوسع مباحثها. ولكن المؤسف أن معظم مشروعاته العلمية لم تكتمل لأسباب منها: طريقته في التأليف (^١)، وأعمال علمية معترضة، وأشغال إدارية، وأمراض مزمنة.
وأكبر ميزة لكتاباته أنها نتائج الفكر، فهي تحمل مناهج جديدة وأفكارًا مبتكرة ونظرات دقيقة، وفيها غذاء للعقل والقلب معًا، ثم إنها كما قال العلامة أبو الكلام آزاد ﵀ (ت ١٣٧٧): "تشتمل على مقاليد العلوم" (^٢).
وقد اختار لمؤلفاته في علوم القرآن وغيره اللغة العربية لأنه ألّفها لعلماء العالم الإسلامي، وكان يرى أن لغة العالم الإسلامي هي العربية لا غير.
ومن مؤلفاته في التفسير وعلوم القرآن التي أكملها ونشرها في حياته: الرأي الصحيح فيمن هو الذبيح، وإمعان في أقسام القرآن، وتفسير السور الآتية: الذاريات، والتحريم، والقيامة، والمرسلات، وعبس، والشمس، والتين، والعصر، والكوثر، والكافرون، والمسد.
_________
(^١) انظر شرحها في ترجمته في صدر "مفردات القرآن" (٣١).
(^٢) انظر "ذكر فراهي" للدكتور شرف الدين الإصلاحي (٥٣٦).
مقدمة 8 / 11
وكان للمعلم ﵀ منهج خاص في التفسير يقوم على دعامتين: الكشف عن نظام السور والآيات، وتفسير القرآن بالقرآن، ولذلك سمى تفسيره "نظام القرآن وتأويل الفرقان بالفرقان". ولكن الحقيقة أن الأصل الأصيل هو تفسير القرآن بالقرآن، لأن مرجعه في الكشف عن نظام السور ورباط الآيات أيضًا هو القرآن لا غير، وقد انكشف له نظام بعض السور أول ما انكشف من داخل القرآن لا من خارجه. وكان يرى أن مراعاة النظام تقلل من الاحتمالات العديدة التي ينقلونها في تأويل الآيات، وتقرِّب إلى التأويل الصحيح الموافق للسياق.
(٢) تفسير سورة الفيل:
قد ترك المعلِّم ﵀ بعد وفاته مسودات كثيرة، أخرج تلامذته منها كتاب مفردات القرآن، وفاتحة نظام القرآن (وهي مقدمة تفسيره) وجمهرة البلاغة، وكلها كتب ناقصة. والمسودة الوحيدة التي كانت شبه كاملة هي مسودة تفسير سورة الفيل، فنشروها سنة ١٣٥٤، وكانت طبعة حجرية بالخط الفارسي اشتملت على ٤٣ صفحة.
وكانت النية أن ينشر تفسير سورة الفيل كاملًا في ذيل هذا الكتاب، لأنه قد نفد قبل زمن طويل، وليكون الأصل أيضًا بين يدي القارئ مع نقده (^١). ولكن تبين أن ذلك سيضاعف حجم الكتاب، فرأينا أن نكتفي هنا بإعطاء صورة من كتاب المعلِّم ﵀.
يحتوي هذا التفسير على الفصول الآتية:
في تفسير كلمات السورة.
_________
(^١) كتبت هذا قبل سنتين. وقد صدرت أخيرًا مجموعة تفسير الفراهي "نظام القرآن وتأويل الفرقان بالفرقان" عن دار الغرب الإسلامي، وتفسير سورة الفيل ضمن المجموعة (ص ٧١٧ - ٧٧٥).
مقدمة 8 / 12
في تعيين المخاطب بهذه السورة.
عمود السورة وربطها بالتي قبلها والتي بعدها.
بيان ما فضل الله به هذا البيت وأهله على سائر المعابد وذويه.
أمور مهمة مما يتعلق بتقديس مسجد وحفظه.
إجمال القصة حسب ما نص عليه القرآن.
النظرة الأولى، وهي فيما زعموا من سبب مجيء أبرهة وفرار أهل مكة وما جرى بينه وبين عبد المطلب.
النظرة الثانية، وهي في رمي أصحاب الفيل بالحجارة، وكونها من الآيات العظام.
النظرة الثالثة، وهي فيما كان من أمر الطير التي أرسلت على أصحاب الفيل.
الاستدلال بكلام العرب على أن الرمي كان من السماء والريح.
في أكل الطير أصحاب الفيل تصديق لبشارة عظيمة في نبينا ﷺ.
أسباب صارفة عن التأويل الراجح.
بيان معنى الرمي بالحجارة، وتمهيد للنظر في أصل رمي الجمار بمنى.
أصل سنة رمي الجمار.
أثر هذا التأويل في القلوب عند عمل رمي الجمار.
قد انفرد المعلِّم ﵀ ــ مثل غيره من أفذاذ العلماء وكبار الأئمة ــ بمسائل ومذاهب في علوم العربية والتفسير وغيره، لكنه ــ كما قال الذهبي
مقدمة 8 / 13
في ترجمة شيخ الإسلام ابن تيمية ــ لم يكن ينفرد بالتشهي، ولا يطلق لسانه بما اتفق (^١)، بل يستدل على ما يذهب إليه بالمعقول والمنقول، ويخطئ كغيره ويصيب، وكلٌّ يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله ﷺ.
ومما انفرد به ﵀ تفسيره لسورة الفيل، إذ ذهب إلى أن العرب لم يتخلوا عن بيت الله، بل نافحوا عنه، وقاتلوا جيش أبرهة بما استطاعوا وبما تيسر لهم، وهو أنهم رموهم بحجارة من سجيل، ولكن رميهم هذا لم يكن ليدفع ذلك الجيش الجرار، فأرسل الله سبحانه عليهم حاصبًا أهلكهم، كما أهلك به الأمم الطاغية الأخرى، وكانت تلك آية عظيمة من آيات الله.
وقد شبَّه رمي العرب جيش أبرهة بالحجارة ورمي الله إياهم بالحاصب في الوقت نفسه بما وقع في غزوة بدر إذ أخذ رسول الله ﷺ "حفنة من الحصباء فاستقبل بها قريشًا، ثم قال: شاهت الوجوه، ثم نفحهم بها وقال لأصحابه: شدّوا. فلم يبق كافر إلا شغل بعينه كما جاء في سورة الأنفال: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾ ... فكان هناك رميان: رمي من النبي ﷺ رأوه ورمي من الله تعالى لم يروه ولكن رأوا أثره ولذلك جاء النفي والإثبات معًا ... وكما نسب الله الرمي في بدر إلى نفسه في قوله: ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾ فهكذا هاهنا نسب إلى نفسه أنه جعلهم كعصف مأكول، فلا شك أنها كانت من الآيات البينات، فإن منافحة قريش كانت أضعف من أن يفل هذا الجيش، فكيف يحطمهم حتى صاروا كعصف مأكول؟ " (تفسير سورة الفيل ص ٢٠).
_________
(^١) انظر: الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون (٥٤٠).
مقدمة 8 / 14
واستدل في ذلك أيضًا بكلام العرب الذين شهدوا الواقعة، وذكروا في شعرهم ما رأوه من "جنود الإله بين ساف وحاصب". وأيد ذلك أيضًا بقول ذي الرمة:
وأبرهةَ اصطادت صدورُ رماحنا ... جهارًا وعُثنونُ العجاجةِ أكدَرُ
تنحَّى له عمرٌو فشكَّ ضلوعَه ... بنافذةٍ نجلاءَ والخيلُ تَضْبِرُ
فقال: "فصرح بأنه طعنه رجل من قومه وبأنه كان في يوم ذي غبار كثير مرتفع إلى السماء، وذلك بأن الله أرسل عليهم ريحًا حاصبًا فحصبتهم" (ص ١٧).
وقوله تعالى: ﴿تَرْمِيهِمْ﴾ عند المعلِّم ﵀ حكاية حال ماضية، والضمير المستتر في (ترمي) للخطاب راجع إلى الخطاب العام في (ألم تر) أي كنت ترميهم أيها المخاطب، ولكن رميك لم يكن ليغني شيئًا، فالله سبحانه هو الذي جعلهم كعصف مأكول. وأما الطير فأرسلت عنده لأكل الجثث، وأيد ذلك بما ورد في كلام الشعراء وما فهمه من بعض الروايات. ثم ذهب إلى أن رمي الجمرات في الحج تذكار لرمي جيش أبرهة، وخصص لبيان ذلك الفصول الثلاثة الأخيرة.
والأمور التي بعثت الفراهي ﵀ على هذا التفسير أهمها فيما يظهر لي من خلال كلامه أمران:
الأول: أن بيت الله كان أعز شيء عند العرب ولا سيما عند قريش، وكل شرفهم وفخارهم منوط به، والأمم مهما كانت من الذلّ والضعة لا ترضى بإهانة معابدها، بل تضحي بنفسها ونفيسها في الدفاع عنها، فكيف يتخلى العرب عن بيت الله، ويفرِّطون في محاربة العدو القادم لهدمه ويفرُّون إلى
مقدمة 8 / 15
شعف الجبال، وهم الذين يضرب المثل بإقدامهم وبسالتهم وأنفتهم وحمايتهم للجار، وقد نشبت الحروب المتطاولة لأدنى سبب من ذلك.
والثاني: الرواية التي وردت في لقاء عبد المطلب لأبرهة تعظِّم أبرهة، وتصفه بالحلم، وتلصق كل مهانة وذل بعبد المطلب سيد قريش. فبدا للمعلم ﵀ أن الرواية مما وضعه أعداء العرب.
ثم وجد بعض الشعراء الذين شهدوا الواقعة يذكرون السافي والحاصب، فتأكد عنده أن الله تعالى أرسل عليهم الرياح الذاريات وأمطر عليهم الحجارة كما فعل بقوم لوط وغيرهم.
ورأى في كلام العرب أيضًا ذكر الطير التي كانت تصحب الجيوش لتأكل القتلى كما قال النابغة:
إذا ما غزوا بالجيش حلَّق فوقهم ... عصائبُ طيرٍ تهتدي بعصائب
وفهم من قول سعيد بن جبير: "إن الطير كانت خضرًا لها مناقير تختلف عليهم" أنها كانت تأكلهم، فذهب إلى ما ذهب في تفسير السورة.
ولما صدر تفسير المعلِّم ﵀ هذا تعرض للرد والتعقيب، مع الاعتراف بجلالة قدره، وغزارة علمه، وتورعه وتقواه (^١). غير أن بعض شيوخنا لما تصدى لنقد هذا التفسير أنكر شجاعة العرب أصلًا، وزعم أنها من أكاذيب الشعراء والأخباريين، وكأنه ــ غفر الله له ــ قاس شعراء الجاهلية على الشعراء المتأخرين من العرب وشعراء الفارسية والأردية المولعين بالغلو والإغراق في المدح والافتخار.
_________
(^١) انظر: قصص القرآن للشيخ محمد حفظ الرحمن (٣: ٣٦١)، وتفهيم القرآن للأستاذ أبي الأعلى المودودي (٦: ٤٧١).
مقدمة 8 / 16
(٣) تعقيب المعلمي ﵀:
صدر تفسير سورة الفيل للمعلم ﵀ سنة ١٣٥٤ كما سبق، وكان المعلمي ﵀ حينئذ في حيدراباد، وقد ذهب إليها بعد سنة ١٣٤٥، وغادرها سنة ١٣٧١. وقد عرفت في ترجمة المعلِّم ﵀ أنه عاش في حيدراباد خمس سنوات (١٣٣٢ - ١٣٣٧)، وكان عميدًا لدار العلوم، ومعدودًا من الشخصيات العلمية المرموقة، ولما غادر حيدراباد ترك وراءه أصدقاء وتلامذة، وثناء وافرًا، ولسان صدق عليًّا في مجالس العلم ودوائر الحكم، لما أوتي من فضائل علمية وعملية قلما تجتمع في شخص واحد، ولما تحلى به من الورع والزهد وغنى النفس مع علو منصبه وراتبه.
فكان من الطبيعي أن يسمع الشيخ المعلمي ﵀ في حيدراباد باسم المعلِّم ﵀ ونعوته وفضائله، وقد وقف على بعض مؤلفاته، واستفاد منها، وعرف عبقريته، كما ذكر في مطلع رسالته هذه.
ومن ذلك أنه لمَّا تكلَّم في كتاب العبادة له على حقيقة القسم قال: "وألَّف الأستاذ حميد الدين الفراهي الهندي رسالةً سمَّاها "الإمعان في أقسام القرآن" أجاد فيها. وسألخِّص هاهنا ما استفدته منها ومن غيرها وما ظهر لي" (ص ٨٢١). وانظر أيضًا (ص ٨٢٦).
وللمعلمي ﵀ رسالة في بيان ارتباط الآيات في سورة البقرة، أحال فيه على كتاب الرأي الصحيح فيمن هو الذبيح، فقال في موضع: "وقد حقق هذا البحث المعلِّم عبد الحميد الفراهي في كتاب الرأي الصحيح، فانظره". وفي موضع آخر، وهو يذكر ارتباط الآية (١٤٤)، وصفه بأنه "كتاب نفيس".
مقدمة 8 / 17
ولم يتفق له لقاء المعلِّم ﵀، وأنّى له ذلك، وهو مقيم في حيدراباد في جنوبي الهند، والمعلم مقيم في وطنه في شمالي الهند، وبينهما مسافة شاسعة جدًّا! ولو أراد المعلمي ﵀ ذلك لما تحمَّل راتبه القليل نفقات مثل هذه الرحلة الطويلة الشاقَّة.
فلما طبع تفسير سورة الفيل، ووصلت نسخه إلى حيدراباد، وقف عليه الشيخ المعلمي ﵀، ورأى أن الدلائل التي احتج بها المعلِّم ﵀ أضعف من أن تقوم بما ذهب إليه في تفسير السورة، فعزم على تعقبه ونقده بمنهجه العلمي الرصين، فقال في مقدمة رسالته:
"أما بعد، فإني قد كنت وقفت على بعض مؤلفات العلامة المحقق المعلِّم عبد الحميد الفراهي ــ تغمده الله برحمته ــ كالإمعان في أقسام القرآن، والرأي الصحيح فيمن هو الذبيح، وتفسير سورة الشمس؛ وانتفعت بها وعرفت عبقرية مؤلفها. ثم وقفت أخيرًا على تفسيره لسورة الفيل، فألفيته قد جرى على سنته من الإقدام على الخلاف إذا لاح له دليل، وتلك سيرة يحمدها الإسلام، ويدعو إليها أولي الأفهام. غير أن الخلاف هنا ليس لقول مشهور، ولا لقول الجمهور، ولكنه لقول صرح به الجماهير، ولم ينقل خلافه عن كبير ولا صغير ... وقد بدا لي أن أتعقب المعلِّم ﵀ وأشرح ما يتبين لي من وفاق أو خلاف".
ترتيب الرسالة ومطالبها
أشار المعلمي ﵀ في مقدمة الرسالة إلى المنهج الذي سلكه في ترتيبها أولًا، ثم ما بدا له من العدول عنه إلى منهج آخر، فقال: "وقد كنت جريت على ترتيب المعلِّم ﵀ مساوقًا له، ثم رأيت الأولى أن أسلك
مقدمة 8 / 18
ترتيبًا آخر، فأبني رسالتي هذه على قسمين: الأول فيما يتعلق بالقصة رواية ودراية، الثاني: في تفسير السورة".
أما القسم الأول فيشتمل على ثمانية فصول، وقد رقّمها ﵀ بحروف الأبجد من الألف إلى الحاء دون أن يضع لها عناوين. وقد سبق أن رأينا أن تفسير المعلِّم ﵀ يحتوي على ١٥ فصلًا، فالمعلمي ﵀ تجاوز في هذا القسم الفصول الخمسة الأولى منها، وبدأ بالكلام على ما ورد في الفصل السادس وما بعده إلى الفصل الخامس عشر، إلَّا ما ذهب إليه المعلِّم ﵀ في تفسير ﴿تَرْمِيهِمْ﴾ فإنه أخّره كما قال إلى القسم الثاني.
والفصول الخمسة المذكورة من تفسير المعلِّم ﵀ منها فصلان نفيسان ــ وهما الرابع والخامس ــ في بيان ما فضّل الله به بيت الله وأهله على سائر المعابد وذويها، وأمور مهمة تتعلق بتقديس المسجد وحفظه، ولم يكن فيهما شيء ينقده المعلمي ﵀، فلم يتعرض لهما.
أما الفصول الثلاثة الأولى فهي في تفسير ألفاظ السورة وعمودها وارتباطها بما قبلها وما بعدها وتعيين الخطاب فيها. وقد خالف المعلمي ﵀ بعض ما جاء فيها، ولكنه تكلم عليه عندما فسر هو السورة في القسم الثاني.
- عقد المعلِّم ﵀ الفصل السادس بعنوان "إجمال القصة حسب ما نص عليه القرآن"، وقال:
"إن قصة أصحاب الفيل لها إجمال وتفصيل، أما مجملها فهو الذي نص عليه القرآن، وأما تفصيلها فأخذوها من الروايات المختلفة المتفاوتة
مقدمة 8 / 19
في الصحة والضعف، والمفسرون يذكرون تفاصيل القصص من غير بحث عما ثبت وعما لم يثبت، وهذا ربما يعظم ضرره، وربما يصرف عن صحيح التأويل. فلا بد أولًا من الفرق بين المنصوص وبين المأخوذ من الروايات، ثم لا بد ثانيًا من التمييز بين ما ثبت وبين ما لم يثبت" (ص ١٥).
ثم نظر المعلِّم ﵀ في الروايات ثلاث نظرات: الأولى فيما زعموا من سبب مجيء أبرهة ومما جرى بينه وبين أهل مكة، والثانية فيما كان من رمي أصحاب الفيل، والثالثة في أمر الطير. وافتتح النظرة الأولى بقوله:
"كل ما ذكروا من سبب مجيء أبرهة لغضبه على العرب ومن فرار أهل مكة ومما جرى بين أبرهة وعبد المطلب لم يثبت من جهة السند، فإن كل ذلك لا يجاوز ابن إسحاق، ومعلوم عند جهابذة أهل الحديث أنه يأخذ الروايات من اليهود وممن لا يوثق به. ثم يبطل هذه الأمور روايات أخر، ويبطله ما ثبت عندنا من عادات العرب. ومما يدل على كونها من أكاذيب الأعداء أنها ما تعمدت إلا غضاضة من العرب وحميتهم، وإهانة لرئيسهم عبد المطلب القرشي، وتنويهًا بحسن خلق أبرهة الحبشي ومسبة على من هيجه على هدم الكعبة، وبسطًا لعذره إذا انتصر لكنيسته. فلم يترك الكذابون شيئًا من الذلة والمنقصة والعار والشنار إلا نسبوها إلى العرب وقريش ورئيسها، فلا نكتفي هاهنا بإرسال القول فيها بل نذكر لك الوجوه التي تدل على كذب هذه الروايات" (ص ١٦).
ثم ذكر سبعة وجوه تدل عنده على كذب الرواية، والسادس منها أنهم زعموا أن أبرهة كان رجلًا حليمًا، وإنما هيجه أحد بني فقيم إذ دخل كنيسته
مقدمة 8 / 20
ونجّسها. وعلّق المعلِّم ﵀ على ذلك بأنه يبطل "هذه الرواية سائر أحوال أبرهة وتعصبه في دينه ... " (ص ١٨).
بدأ الشيخ المعلمي ﵀ رسالته بنقد هذا الوجه السادس، فذكر في الفصل الأول (ألف) أن ابن إسحاق لم ينفرد بقصة تقذير الكنيسة، وأنه ليس فيها ما يُعدّ غضاضة من العرب أو عذرًا لأبرهة، غير أن القضية لم تثبت من جهة الرواية.
- وقد استدل المعلِّم ﵀ في الوجه الثاني بما ورد في القصة أن أبرهة أكرم عبد المطلب غاية الإكرام، لكن لما كلمه عبد المطلب في إبله قال له أبرهة: أتكلمني في مائتي بعير أصبتها لك، وتترك بيتًا هو دينك ودين آبائك، قد جئت لهدمه، فلا تكلمني فيه! وعلق المعلِّم عليه قائلًا: "فهل يمكن أن يترك عبد المطلب التكلم في أمر البيت بعدما رأى وسمع من أبرهة ما يستيقن به أنه لو سأله الانصراف عن هدم البيت لفعل، ثم إنه لم يترفع عن المجيء إليه والسؤال لإبله" (ص ١٧).
تكلم المعلمي ﵀ على هذا الوجه في الفصل الثاني (ب) وقال: "ليس في القصة ما يحصل به الاستيقان بل ولا الظن ... " وذكر احتمالات أخرى تكون سببًا لما جرى بينهما، وأخيرًا لم يستبعد أن في القصة مبالغة في تصوير احترام أبرهة لعبد المطلب.
والوجوه الأخرى التي تدل عند المعلِّم ﵀ على كذب الرواية، ومنها ما استدل به على وقوع القتال بين العرب وأبرهة، قد تكلم عليها المعلمي ﵀ في الفصلين (ج، د)، وردّها، وكشف عن وهم المعلِّم ﵀ في بعضها. ثم ذكر هو عدة أدلة على أن أهل مكة لم يقاتلوا أبرهة، ومنها:
مقدمة 8 / 21
"أن كل من له إلمام بأخبار العرب يعرف شدة حرصهم على رواية أخبار أيامهم وحفظها وتردادها في الأسمار وتقييدها بالأشعار ... وبين أيدينا أخبارهم في حرب البسوس وحرب داحس وغير ذلك نجدها مروية بتفصيل بأسماء فرسانهم وخيلهم وقاتلهم ومقتولهم، وكيف كان القتال، وكم استمر، إلى غير ذلك من الجزئيات ... فكيف يعقل مع هذا أن يكونوا قاتلوا أبرهة، وقتلوه في المعركة، ثم لا يوجد لذلك في أخبارهم وأشعارهم أثر؟ ... " (ص ٣٠ - ٣١).
- وقد ذهب المعلِّم ﵀ إلى أن الطير أرسله الله تعالى لتطهير ناحية مكة من جيف القتلى، وقال: إن النظر في الروايات يكشف عن فريقين متباينين في تصوير هذه القصة، ثم ذكر مواضع الاختلاف، ورجح ما نسبه إلى الفريق الأول، وأيَّده مستدلًّا بكلام العرب على أن الرمي كان من السماء والريح.
استعرض المعلمي ﵀ الروايات المذكورة، وأثبت أن الرواة ليسوا فريقين مختلفين، وإنما وقع الاختلاف في بعض الأمور الجزئية، ورمي الطير قد أشار إليه الفريقان معًا، بل لم ينفه أحد قبل المعلِّم ﵀. ثم أورد من مخطوطة كتاب "المنمق" لابن حبيب (^١) شعرًا فيه تصريح برمي الطير كقول نفيل بن حبيب الذي شهد الواقعة:
_________
(^١) قد استنسخت دائرة المعارف العثمانية بحيدراباد نسخة من كتاب "المنمق" بعد اللتيا والتي من أصله الفريد المحفوظ في مكتبة ناصر حسين الشيعي بمدينة (لكنَؤُو). وذلك سنة ١٩٣٢ م، بعد وفاة المعلِّم ﵀ بسنتين. وقد رجع الشيخ المعلمي ﵀ إلى هذه النسخة التي ظلت محفوظة في خزانة الدائرة إلى أن نشرته سنة ١٣٨٤=١٩٦٤ م.
مقدمة 8 / 22