Commentary on Gabriel's Hadith on Teaching Religion
شرح حديث جبريل في تعليم الدين
Yayıncı
مطبعة سفير،الرياض
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٢٤هـ/٢٠٠٣م
Yayın Yeri
المملكة العربية السعودية
Türler
وقالت المعتزلة: إنَّه في منزلة بين المنزلتين، وفي الأخرة اتَّفقوا على تخليده في النار، وأهل السنَّة وصفوا العاصي بأنَّه مؤمن ناقص الإيمان، فلم يجعلوه مؤمنًا كامل الإيمان كما قالت المرجئة، ولم يجعلوه خارجًا من الإيمان كما قالت الخوارج والمعتزلة، بل قالوا: هو مؤمن بإيمانه، فاسقٌ بكبيرته، فلَم يُعطوه الإيمان المطلق، ولَم يسلبوا عنه مطلق الإيمان، وإنَّما ضلَّت المرجئة لأنَّهم أعملوا نصوصَ الوعد وأهملوا نصوصَ الوعيد، وضلَّت الخوارجُ والمعتزلة لأنَّهم أعملوا نصوصَ الوعيد وأهملوا نصوصَ الوعد، ووفَّق الله أهل السنَّة والجماعة للحقِّ، فأعملوا نصوصَ الوعد والوعيد معًا، فلَم يجعلوا مرتكب الكبيرة كامل الإيمان، ولم يجعلوه خارجًا من الإيمان في الدنيا، وفي الآخرة أمرُه إلى الله؛ إن شاء عذَّبه، وإن شاء عفا عنه، وإذا عذَّبه فإنَّه لا يخلده في النار كما يخلِّد فيها الكفار، بل يُخرَجُ منها ويُدخل الجنَّة.
ويجتمع في العبد إيمانٌ ومعصية وحبٌّ وبغض، فيُحَبُّ على ما عنده من الإيمان، ويُبغَض على ما عنده من الفسوق والعصيان، وهو نظير الشيب الذي يكون محبوبًا إذا نظر إلى ما بعده وهو الموت، وغير محبوب إذا نُظر إلى ما قبله وهو الشباب، كما قال الشاعر:
الشيبُ كرهٌ وكرهٌ أن نفارقه ... فاعجب لشيء على البغضاء محبوب
التاسعة: الإحسانُ والإيمانُ والإسلام درجات، فأعلى الدرجات الإحسان، ودونه درجة الإيمان، ودون ذلك درجة الإسلام، فكلُّ محسن مؤمن مسلم، وكلُّ مؤمن مسلم، وليس كلُّ مؤمن محسنًا، ولا كلُّ مسلم مؤمنًا محسنًا، ولهذا جاء في سورة الحجرات: ﴿قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾
1 / 73