Commentary on Gabriel's Hadith on Teaching Religion
شرح حديث جبريل في تعليم الدين
Yayıncı
مطبعة سفير،الرياض
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٢٤هـ/٢٠٠٣م
Yayın Yeri
المملكة العربية السعودية
Türler
لموسى: أتلومُنِي على أن عملتُ عملًا كان مكتوبًا عليَّ قبل أن أُخلَق، فإذا أذنب الرَّجلُ ذنبًا ثم تاب منه توبةً وزال أمرُه حتى كأن لم يكن، فأنَّبَه مُؤَنِّبٌ عليه ولاَمَه، حسُنَ منه أن يَحتجَّ بالقدر بعد ذلك، ويقول: هذا أمرٌ كان قد قُدِّر عليَّ قبل أن أُخلق، فإنَّه لم يَدفع بالقدر حقًّا، ولا ذكر حجَّةً له على باطل، ولا محذورَ في الاحتجاج به، وأمَّا الموضع الذي يضُرُّ الاحتجاجُ به ففي الحال والمستقبل، بأن يرتكبَ فعلًا محرَّمًا أو يتركَ واجبًا، فيلُومُه عليه لائمٌ، فيحتجَّ بالقدر على إقامته عليه وإصراره، فيُبطلُ بالاحتجاج به حقًّا ويرتكبُ باطلًا، كما احتجَّ به المُصِرُّون على شركهم وعبادتهم غير الله، فقالوا: ﴿لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا﴾، ﴿لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ﴾، فاحتجُّوا به مُصَوِّبين لِمَا هم عليه، وأنَّهم لم يَندموا على فعله، ولم يعزموا على تركه، ولَم يُقرُّوا بفساده، فهذا ضدُّ احتجاج مَن تبيَّن له خطأُ نفسه وندم وعزَم كلَّ العزم على أن لا يعودَ، فإذا لاَمَه لائمٌ بعد ذلك قال: كان ما كان بقدر الله، ونُكتة المسألة أنَّ اللَّومَ إذا ارتفع صحَّ الاحتجاجُ بالقدر، وإذا كان اللَّومُ واقعًا فالاحتجاجُ بالقدر باطلٌ ... ".
وقد ضلَّ في القضاء والقدر فرقتان: القدرية والجبرية، فالقدرية يقولون: إنَّ العبادَ يَخلقون أفعالَهم، وإنَّ اللهَ لم يُقدِّرها عليهم، ومقتضى قولهم هذا أنَّ أفعالَ العباد وقعت في مُلك الله وهو لم يُقدِّرها، وأنَّهم بخلقهم لأفعالِهم مُستغنون عن الله، وأنَّ الله ليس خالقًا لكلِّ شيء، بل العباد خلقوا أفعالَهم، وهذا من أبطل الباطل؛ فإنَّ اللهَ ﷾ خالق العباد وخالق أفعال العباد، فهو خالق الذوات والصفات، كما قال الله ﷿: ﴿قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾، وقال:
1 / 67