إنهم يؤوِّلون المتواتر أو يفوضونه لمجرد مخالفته لعقولهم التي هي مختلفة ومتناقضة وقاصرة. ١
ثالثًا: أن هذا القول طوال القرون الثلاثة بل الأربعة الأولى لم يكتب له الانتشار والظهور - كما حصل فيما بعد - وهذا بفضل الله، ثم بفضل جهود السلف الذين هيأهم الله لحفظ السُّنَّة وتبليغها للأمَّة، فكانوا يجاهدون لإحياء السنن وقمع البدع في مهدها ﵏ وجزاهم عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
ولم يكتب لهذا القول - فيما أعلم - الانتشار والظهور إلا في عصور الضعف، وظهور البدع، وتسلط أصحاب الأهواء وأهل البدع على رقاب المسلمين، وذلك من أوائل القرن الخامس الهجري فما بعده.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - في معرض الردَّ على أهل هذا الرأى من معاصريه: "وعذرهم أنهم يرجعون في هذه المسائل إلى ما يجدونه من كلام ابن الحاجب، وإن ارتفعوا درجة صعدوا إلى السيف الآمدي، وإلى ابن الخطيب الرازي، فإن علا سندهم صعدوا إلى الغزالي والجويني والباقلاني ٢، وإلا فالسلف مجمعون على قبول خبر الآحاد والعمل به دون تفريق بينه وبين غيره". ٣