172

Clarifying the Objectives of Al-Aqidah Al-Waasitiyyah

توضيح مقاصد العقيدة الواسطية

Yayıncı

دار التدمرية

Baskı

الثالثة

Yayın Yılı

١٤٣٢ هـ

Türler

ودينه هو: الصراط المستقيم، وهو في حق هذه الأمة شريعة محمد ﷺ فمن كان على دين الله وصراطه المستقيم أثبت، وفي سيره أسرع كان على ذلك كذلك (جزاء وفاقا)، فـ (الجزاء من جنس العمل)، ولهذا الناس يمرون عليه منهم: من يمر كالبرق سرعة - وهكذا حال الناس في الدنيا ـ، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم كالفرس الجواد، ومنهم كركاب الإبل، ومنهم من يعدوا عدوا، ومنهم من يمشي مشيا، ومنهم من يزحف زحفا، ومنهم من لا يسير، وعلى الصراط كلاليب تخطف الناس بأعمالهم، وفي الحديث:" فناج مُسلَّم، ومكدوس في النار " (١).
ويمر الناس على هذا الصراط، فمن عبر تجاوز الخطر - اللهم نجنا من عذابك يوم لقائك - ولهذا بيّن الشيخ أن من عبر الصراط دخل الجنة من أول وهلة دون أن يمسه عذاب، فأما الذين يعذبون فإنهم لا يعبرون، بل يسقطون في النار، وينالهم العذاب. والله أعلم.
والذي يشعر به سياق النصوص التي وردت في الصراط أن هذا العبور إنما يكون لأهل الإيمان، وللمنتسبين لأهل الإيمان، أما الأمم الكافرة كاليهود والنصارى وعباد الأوثان فهؤلاء ليسوا ممن يمر على الصراط - والعياذ بالله - كما جاء في الحديث أن الناس يحشرون يوم القيامة فيقال: لتتبع كل أمة ما كانت تعبد، فيتبعون ما كانوا يعبدون فيلقون في النار دون أن يعبروا على الصراط (٢).

(١) [روى البخاري (٧٤٣٩)، ومسلم (١٨٣) من حديث أبي سعيد ﵁ عن النبي ﷺ أنه قال: ثم يضرب الجسر على جهنم، وتحل الشفاعة، ويقولون: اللهم سلم سلم، قيل يا رسول الله: وما الجسر؟ قال: دحض مزلة فيه خطاطيف، وكلاليب، وحسك تكون بنجد فيها شويكة يقال لها: السعدان، فيمر المؤمنون، كطرف العين، وكالبرق، وكالريح، وكالطير، وكأجاويد الخيل والركاب، فناج مسلم، ومخدوش مرسل، ومكدوس في نار جهنم .. ". لفظ مسلم].
(٢) [في حديث أبي سعيد السابق - والسياق لمسلم - " إذا كان يوم القيامة أذن مؤذن ليتَّبع كل أمة ما كانت تعبد فلا يبقى أحد كان يعبد غير الله سبحانه من الأصنام=
والأنصاب إلا يتساقطون في النار حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر وفاجر وغُبَّرِ أهل الكتاب، فيدعى اليهود فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد عزير ابن الله. فيقال: كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد فماذا تبغون؟ قالوا: عطشنا يا ربنا فاسقنا فيشار إليهم ألا تردون؟ فيحشرون إلى النار كأنها سراب يحطم بعضها بعضا، فيتساقطون في النار، ثم يدعى النصارى، فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد المسيح ابن الله، فيقال لهم: كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد، فيقال لهم: ماذا تبغون؟ فيقولون: عطشنا يا ربنا فاسقنا، قال: فيشار إليهم ألا تردون؟ فيحشرون إلى جهنم كأنها سراب يحطم بعضها بعضا، فيتساقطون في النار حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله تعالى من بر وفاجر أتاهم رب العالمين ﷾ في أدنى صورة من التي رأوه فيها قال: فما تنتظرون تتبع كل أمة ما كانت تعبد، قالوا: .. فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم، ولم نصاحبهم فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك لا نشرك بالله شيئا - مرتين، أو ثلاثا - حتى إن بعضهم ليكاد أن ينقلب، فيقول: هل بينكم وبينه آية فتعرفونه بها؟ فيقولون: نعم، فيكشف عن ساق؛ فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود، ولا يبقى من كان يسجد اتقاء ورياء إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة كلما أراد أن يسجد خر على قفاه، ثم يرفعون رؤوسهم وقد تحول في صورته التي رأوه فيها أول مرة، فقال: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا، ثم يضرب الجسر على جهنم .. " الحديثَ.
وفي حديث أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ قال:"يجمع الله الناس يوم القيامة فيقول: من كان يعبد شيئا فليتبعه، فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس، ويتبع من كان يعبد القمر القمر، ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها، فيأتيهم الله ﵎ في صورة غير صورته التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون نعوذ بالله منك هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا جاء ربنا عرفناه، فيأتيهم الله تعالى في صورته التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا فيتبعونه، ويضرب الصراط بين ظهري جهنم، فأكون أنا وأمتي أول من يجيز .. " رواه البخاري (٧٤٣٧) ومسلم (١٨٢) واللفظ له. وانظر: فتح الباري ١١/ ٤٤٨].

1 / 182