Ayrıntılı Akid
العقد المفصل في قبيلة المجد المؤثل
أيا جود معن ناج معنًا بحاجتي ... فمالي إلى معن سواك رسول
فأمر له بعشرة آلاف درهم، ثمّ اشتغل بالحديث ساعة ثمّ التفت فرأى الرقعة فأمر له بعشرة آلاف درهم، ثمّ اشتغل بالحديث ساعة ثمّ التفت فرأى الرقعة فأمر له بعشرة آلاف درهم، ثمّ اشتغل بالحديث ساعة والتفت إلى الرقعة فأمر له بعشرة آلاف درهم، فلم يلحقه الرسول فرجع وقال: يا سيّدي! ما لحقت الرجل، فقال معن: أتراه ظنّ أن نسترجعها؟ والله لو وقف لنفذت إليه بعشرة تتبعها عشرة إلى أن تفني بيوت المال.
وقيل: كان معن بن زائدة الشيباني قد استخفى من المنصور لأمر أنكره عليه، فجدّ المنصور في طلبه وجعل لمن دلّ عليه عشرة آلاف درهم، قال معن: فاضطربت لشدّة الطلب إلى أن أقمت في الشمس حتّى لوّحت وجهي وخففت من عارضيّ ولحيتي ولبست جبّة صوف وركبت جملًا ثقيلًا وخرجت عليه أطلب البادية لأقيم فيها، فلمّا خرجت من الباب تبعني عبد أسود متقلّد سيفًا حتّى إذا غبت من أعين النّاس والحرس قبض على خطام الجمل فأناخه، فقلت: ما تريد؟ قال: أنت طلبة أميرالمؤمنين؟ قلت: ومن أنا حتّى يطلبني أميرالمؤمنين؟ قال: أنت معن بن زائدة الشيباني. قلت: يا هذا اتّق الله في دمي، وأين أنا من معن؟ فقال: دع ذا عنك فأنا والله أعرف بك من ولدك وأخيك. قال معن: فقلت له: إن كان الأمر على ما تقول فهذا جوهرٌ قد حملته معي بأضعاف ما بذله المنصور فيَّ فخذه ولا تسفك دمي، قال: هاته، فأخرجته، فنظر إليه ساعةً وقال: صدقت في قيمته ولست قابله منك حتّى أسألك عن شيء فإن صدّقتني فيه أطلقتك، فقلت له: قل، فقال: إنّ النّاس قد وصفوك بالسخاء والجود فأطنبوا، فأخبرني هل وهبت قط مالك كلّه؟ قلت: لا، قال: فنصفه؟ قلت: لا، قال: فثلثه؟ قلت: لا، فلم يزل حتّى بلغ العشر؟ فقلت: أظنّ أنّي فعلت هذا، فقال: ما ذاك بعظيم، أنا رجل رزقي عشرين درهمًا على المنصور في الشهر، وهذا الجوهر قيمته آلاف دنانير وقد وهبته لك ووهبتك لجودك المأثور بين الناس لتعلم أنّ في الدنيا من هو أجود منك فلا تعجبك نفسك وتحتقر بعد هذا كلّ شيء تفعله، ولا تتوقّف عن مكرمة، ثمّ رمى بالعقد في حجري وخلّى خطام الجمل وانصرف، فقلت له: يا هذا فضحتني ولسفك دمي أهون عَلَيّ ممّا فعلت، فخذ هذا الجوهر فإنّي عنه غنيّ، فقال: يا معن! أردت أن تكذّبني في مقامي هذا، والله لا أخذته ولا أخذت لمعروف ثمنًا أبدًا ومضى، فوالله لقد طلبته بعد أن أمنت وبذلت لمن جاء به ما شاء، فما عرفت له خبراَ وكأنّ الأرض ابتلعته.
وحدّث عون بن الحسين الهمداني قال: كنت يومًا في خزانة خلع الصاحب بن عباد فرأيت في دستور كاتبها، وكان صديقي، مبلغ العمائم الخزّ التي صرفت في تلك السنة للعلويّين والفقهاء والشعراء خارجة غير عمائم الخدم والحاشية ثمانمائة وعشرين، قال: وكان يعجبه الخزّ ويأمر بالإستكثار منه في داره، فنظر أبوالقاسم الزعفراني يومًا إلى جميع من فيها من الخدم والحاشية عليهم الخزوز الفاخرة الملوّنة، فاعتزل ناحية وأخذ يكتب شيئًا، فنظر إليه الصاحب وقال: عَلَيّ به، فاستهمل الزعفراني ريثما يتمّ مكتوبه، فأمر الصاحب بأخذ الدرج من يده، فقام وقال: أيّد الله مولانا، شعرٌ أسمعه ممّن قاله، فقال: هات يا أباالقاسم، فأنشده أبياتًا منها:
سواك يعدُّ الغنى ما اقتنى ... ويأمره الحرص أن يخزنا
وأنت ابن عباد المرتجى ... فعند نوالك نيل المنى
وخيرك من باسط كفّه ... وممّن تنائى قريب الجنى
غمرت الورى بصنوف الندى ... فأصغر ما ملكوه الغنى
وغادرت أشعرهم مفحما ... وأشكرهم عاجزا الكنا
أيا من عطاياه تهدي الغنى ... إلى راحتيْ من نأى أو دنا
كسوت المقيمين والزائرين ... كسىً لم يخل مثلها ممكنا
وحاشية الدار يمشون في ... ضروب من الخزّ إلاّ أنا
ولست أذكر بي جاريًا ... على العهد يحسن أن يحسنا
فقال له الصاحب: قرأت في أخبار معن بن زائدة أنّ رجلًا قال له: أحملني أيّها الأمير، فأمر له بناقة وفرس وبغلة وحمار وجارية، ثمّ قال لو علمت مركوبًا غيرها لحملتك عليه، وقد أمرنا لك من الخزّ بجبّة ودراعة وقميص وسراويل وعمامة ومنديل ومطرف ورداء وجورب ولو علمنا لباسًا آخر غير هذا يتّخذ من الخزّ لأعطيناك.
1 / 64