جعلنا ظهور القوم في الحرب اوجها
رقمنا بها ثغرا وعينا وحاجبا
وقتل الغوري في المعركة ولم يعرف له قاتل واسر ابنه والمولى المرحوم ولما جيء بهما الى السلطان سليم خان عفا عنهما وقابل جرمهما بالاحسان ثم لما عاد الى ديار الروم بعد فراغه من أمر مصر استصحب ابن الغوري والمولى المرحوم فاستطوطن قسطنطينية وشرع في اشاعة المعارف واذاعة النوادر واللطائف واشتغل عليه كثير من السادة وفازوا منه بالاستفادة وقد تشرفت برؤيته وتبركت بصحبته توفي رحمه الله سنة احدى وسبعين وتسعمائة وكان المرحوم رأسا في جميع العلوم مستجمعا لشروط الفضائل وجامعا لعلوم الاواخر والاوائل يرغم في الرياضيات انوف الرؤوس ويحاكي في الطب ابقراط وجالينوس وكان صاحب فنون غريبة قادرا على افاعيل عجيبة ماهرا في وضع الالات النجومية والهندسية كالربع والاسطرلاب وسائر الاسباب وكان رحمه الله مظنة علم الكاف وعلم الزايرجه بلا خلاف وكان رحمه الله مشهورا بالمحل في التعليم والافادة لارباب الطلب والاستفادة ولم يقبل مدة عمره وظيفة السلطان وقطع حبال الاماني من ارباب العزة بقدر الامكان وكان يكتسب بطبابته ويقتات بهدايا تلامذته وكان يلبس لباسا خشنا عمامته صغيرة ويقنع من القوت بالنزر القليل والامور اليسيرة وكان رحمه الله ينظم الابيات اعذب من ماء الفرات وقال في قافية الطاء مادحا لبعض الفضلاء وأظنه المولى صالح ابن جلال عند كونه قاضيا بحلب ومنها :
دعائي فلا يحصيه عد ولا ضبط
وشكري لكم دوم فما كان ينحط
وأثني جميلا ثم اهدي تحية
لطب شذاها يطلب العود والقسط
فباح بها مسك وفاح بعطرها
وفي وجنة للورد منها اتى قسط
الى حضرة احيا الانام بعلمها
وبان بها حكم الشريعة والشرط
فلا مطلب الا ذراها نعم ولا
رحال لدى عزم الى غيرها تخطو
لقد جد اقوام وضاهوا بمثلها
فدون امانيها القتادة والخرط
فكم من كبير قد جبرت لحاله
وفككت مأسورا اضربه الربط
Sayfa 358