وهذا أعظم من اعتقاد النصارى في المسيح؛ لأنهم يزعمون أن فيض الإله حل على المسيح، وهؤلاء يعتقدون حلول الباريء تعالى في جسد آدم ونوح وسائر الأنبياء وجميع خلفائهم وأئمتهم، نعوذ بالله من ذلك، وتعالى الله عن ذلك.
السادس في ترجمته:
هو أبو محمد عبد الله، الملقب العاضد بن يوسف، ابن الحافظ لدين الله أبي الميمون، عبد المجيد بن أبي القاسم محمد -ولم يل الخلافة (^١) - ابن المستنصر بن الظاهر بن الحاكم بن العزيز بن المعز بن المنصور بن القائم بن المهدي. آخر ملوك مصر من العبيديين.
والعاضد في اللغة القاطع (^٢)، ومنه الحديث: "لا يعضد شجرها" (^٣). وبه قطعت دولتهم وعُضِدَت.
ولى المملكة بعد عمه الفائز، وكان أبوه يوسف أحد الأخوين اللذين قتلهما عباس (^٤) بعد الظافر. واستقر الأمر للعاضد اسمًا، وللصالح طلائع بن رزيك جسمًا، وكان مولده في سنة ست وأربعين وخمسمائة، فعاش إحدى وعشرين سنة.
وفي المرآة (^٥): توفي يوم عاشوراء وعمره ثلاث وعشرون سنة، وكانت أيامه إحدى (^٦) عشرة سنة وشهورًا، وكان العاضد مولده سنة أربع وأربعين وخمسمائة (^٧). وبويع له في
_________
(^١) يقصد هنا أن أبا القاسم محمد لم يخطب له بالخلافة - وقد ذكر ذلك ابن الأثير في الكامل، جـ ١٠، ص ٣٤. كما ذكر أن والد العاضد يوسف بن الحافظ لم يخطب له بالخلافة أيضًا.
(^٢) وفيات الأعيان، جـ ٣، ص ١٠٩ - ١١٢.
(^٣) نص الحديث: "إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دمًا ولا يعضد بها شجرة … البخاري، جـ ١، ص ٣٦ - ٣٧.
(^٤) هو: أبو الفضل عباس بن أبي الفتوح بن يحيى بن تميم بن المعز بن باديس الصنهاجي. تولى الوزارة للخليفة الفاطمي الظافر سنة ٥٤٨ هـ/ ١١٥٣ م. توفي ٥٤٩ هـ/ ١١٥٤ م. وعن قتله للظافر انظر: وفيات الأعيان، جـ ١، ص ٢٣٧؛ اتعاظ الحنفا، جـ ٣، ص ٢٠٨ - ٢٠٩.
(^٥) انظر: مرآة الزمان، جـ ٨، ص ١٨١. حيث ينقل العيني عنه بتصرف.
(^٦) "أحد عشر" كذا في نسختى المخطوطة أ، ب والصحيح ما أثبتناه.
(^٧) انفرد سبط ابن الجوزي في المرآة بذكر مولد العاضد في سنة أربع وأربعين وخمسمائة. في حين أن المصادر الأخرى أجمعت على أن مولده كان سنة ست وأربعين وخمسمائة. انظر: وفيات الأعيان، جـ ٣، ص ١١١؛ البداية والنهاية، جـ ١٢، ص ٢٦٤؛ اتعاظ الحنفا، جـ ٣، ص ٢٤٣؛ الشذرات، جـ ٤، ص ٢٢٣.
1 / 78