وقال ابن خلكان: إن القاضي الفاضل (^١) كان يرعي له حق الصحبة والتعلم، وكان يُجرى عليه ما يحتاج إليه إلى أن مات في الثالث والعشرين من جمادى الآخرة من سنة ست وستين وخمسمائة.
ومن شعره:
يَا أَخَا الغِرَّةِ حَسْبُ الدَّهرِ مِنْ … عِظَةِ المَغْرُور مَا أَصْبَحَ يُبْدِي
تُوْثِرُ الدُّنْيَا فَهَلْ نلْتَ بِهَا … لَحْظَةً تَخْلُصُ مِنْ هَمٍّ وَكَدِّ!! (^٢)
وذكر ضياء الدين أبو الفتح نصر الله بن محمد، المعروف بابن الأثير الجزري (^٣) في أول كتابه المسمى بـ"الوَشْي المرقوم في حل المنظوم" (^٤) قال: حدثني عبد الرحيم بن على البيساني (^٥) بمدينة دمشق، في سنة ثمان وثمانين وخمسمائة، قال: كان فن (^٦) الكتابة بمصر "في زمن بني عبيد" (^٧) غضًا طريا، ولا يخلو ديوان المكاتبات من رأس يرأس مكانًا وبيانا، ويقيم [لسلطانه بقلمه] (^٨) سلطانا. وكان من العادة أن كلا من أرباب الدواوين إذا نشأ له ولد، وحصَّل شيئًا من علم الأدب، أحضره إلى ديوان المكاتبات؛ ليتعلم فن الكتابة، ويتدرب، ويري، ويسمع. قال: فأرسلني والدى -وكان إذ ذاك قاضيًا بثغر عسقلان- إلى الديار المصرية في أيام الحافظ -وهو أحد خلفائها- وأمرني بالمصير إلى ديوان المكاتبات، وكان الذي يرأس به في تلك الأيام رجلٌ يقال له: ابن الخلال. فلما حضرت الديوان، ومثلت بين يديه، وعرفته من أنا، وما طلبي، رَحّبَ بي وسهَّل،
_________
(^١) هو القاضي الفاضل عبد الرحيم بن علي بن الحسن بن الحسن بن أحمد اللخمي العسقلاني البيساني. وزير صلاح الدين، فاق المتقدمين في صناعة الإنشاء، توفي سنة ٥٩٦ هـ/ ١٢٠٠ م بالقاهرة. انظر ترجمته في وفيات الأعيان، ج ٣، ص ١٥٨ - ١٦٣؛ النويري: نهاية الأرب، ج ٢٩، ص ١٣ - ١٨.
(^٢) انظر: الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٤٨٧.
(^٣) وفيات الأعيان، ج ٥، ص ٣٨٩ - ٣٩٧.
(^٤) ورد اسم هذا الكتاب في ترجمة الموفق بن الخلال الكاتب، انظر: وفيات الأعيان، ج ٧، ص ٢١٩.
(^٥) انظر: وفيات الأعيان، ج ٧، ص ٢١٩.
(^٦) "في" في نسخة ب وهو خطأ.
(^٧) ما بين الأقواس ساقط من نسخة ب.
(^٨) "لسلطانيه قلمه" في نسختى المخطوطة أ، ب. والمثبت بين الحاصرتين تصحيح من وفيات الأعيان، ج ٧، ص ٢٢٠.
1 / 66