وبعدها بدأ العينى بدراسة القراءات السبع على يد الشيخ حسين العينتابي، شيخ القراءات في عصره.
أما الفقه فقد أخذه عن والده، وقرأ عليه مقدمة أبى الليث السمرقندي في الفقه الحنفي، وساعده هذا على العمق في دراسة المذهب، حتى أن والده كان يستعين به في منصب القضاء، كما تولاه نيابة عنه، فأحسن القيام بمهام منصبه.
على أية حال شكلت دراساته السابقة البنية العلمية والفكرية لحبه للعلم، ومن ثم أخذ الرجل يبحث عن منابعه في كل مكان، فكانت رحلاته المتعددة بقصد التزود بالعلم والمعرفة، وأولى رحلاته كانت إلى حلب سنة ٧٨٣ هـ/ ١٣٨١ م (^١)، فأخذ الفقه عن جمال الدين يوسف بن موسى الملطى، وعلوم اللغة على الشيخ شمس الدين محمد الراعي بن الزاهد، وغيرهم من العلماء. ثم عاد مرة ثانية إلى عينتاب ليفيض عطاؤه العلمي على أبناء بلده.
وكانت وفاة والده عارضًا أعاقه إلى حد ما عن تأدية عمله على الوجه الأكمل، وبالرغم من هذا ارتفع على مستوى حزنه مبتعدًا عن كل ما يؤثر في نفسه ونشاطه العلمي. لذا اتجه ناحية المدن الشمالية "بهسنا وسميساط"؛ فنهل من علمائهما من أمثال الشيخ ولي الدين البهسني، ثم توجه إلى أملاك دولة ذي الغادر التركمانية، فالتقى بالشيخ علاء الدين الكختاوى فأخذ عنه، وكان محطه الأخير في هذه الرحلة ملطية، فالتقى بعلمائها، فأخذ عن الشيخ بدر الدين الكشافي.
ومن الجدير بالملاحظة أن إنجازات العيني الهائلة خلال هذه الفترة كانت لا تتناسب مع صغر سنه، الذي لم يكن يتجاوز الثانية والعشرين وهي سن لا تمكن صاحبها من تحصيل كل هذه العلوم والمعارف، إلا أن الرجل استطاع أن يحقق أضعاف أضعاف ما حققه أقرانه ممن هم في سنه.
_________
(^١) الخطط التوفيقية، ج ٦، ص ٢٥، ط ٢، بولاق ١٣٠٥.
1 / 19