فَضَلَ الخَلائِفَ والْخَلائِقَ بالتُّقَى … وَالفَضْلِ [وَالإحْسَانِ] (^١) والخُلُقِ الرضي
فَانْعَمْ أَمِيرَ المُؤْمِنِيِن بِدَوْلَةٍ … مَا تَنْتَهِي وَسَعَادَةٍ مَا تَنْقضِي
ثم إن الخليفة ولَّى قضاء قضاة بغداد لروح بن الحديثي يوم الجمعة الحادي والعشرين من ربيع الآخر، وخلع على الوزير خلعة عظيمة، وهو عضد الدين الأستادار، وضربت (^٢) على بابه ثلاث نوب (^٣) في ثلاثة أوقات: الفجر، والمغرب، والعشاء. وأمَّر سبعة عشر من المماليك، وأذن للوعاظ فتكلموا، بعدما كانوا قد منعوا مدة طويلة، ثم كثر احتجابه (^٤) بعد هذا.
ذكر ماجريات نور الدين محمود
وهي أنه سار إلى الرقة فأخذها، وكذلك نصيبين والخابور وسنجار، وسلمها إلى زوج ابنته، ابن أخيه عماد الدين زنكي (^٥) بن مودود بن زنكي، ثم سار إلى الموصل، فأقام بها أربعة وعشرين يومًا، وأقرها لابن أخيه سيف الدين غازي (^٦) بن مودود مع الجزيرة، وزوجه ابنته الأخرى، وأمر بعمارة جامعها (^٧) وتوسعته، ووقف على تأسيسه بنفسه، وجعل له خطيبًا ودرسًا للفقه، وولي التدريس للفقيه أبي بكر البرقاني (^٨)، تلميذ محمد بن يحيى، تلميذ الغزالي، وكتب له منشورًا بذلك، ووقف على الجامع قرية من
_________
(^١) ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة أو المثبت من ب.
(^٢) "ضرب" في نسخة ب.
(^٣) نوبة - نوب: لفظ النوبة يطلق على فرق الجند التي تتناوب الوقوف لحراسة شخص أو سلطان، وهي خمس نوبات ويكون تغييرها في الظهر والعصر والعشاء ونصف الليل وعند الصباح. انظر: السلوك، ج ١ ق ٢، ص ٤٦١، حاشية (٢).
(^٤) "احتجاجه" في نسخة ب.
(^٥) هو: أبو الفتح وأبو الجود عماد الدين زنكي بن قطب الدين مودود صاحبه سنجار، توفي سنة ٥٩٤ هـ/ ١١٩٨ م. انظر: الباهر، ص ١٩١؛ الكامل، ج ١٠، ص ٢٥٠؛ وفيات الأعيان، ج ٢، ص ٣٣٠ - ٣٣١.
(^٦) هو الملك سيف الدين غازي بن قطب الدين مودود بن أتابك الشهيد زنكي. ملك البلاد الجزرية. توفي في صفر سنة ٥٧٦ هـ /١١٨٠ م. انظر: الباهر، ص ١٧٥ - ١٨٠؛ وفيات الأعيان، ج ٤، ص ٤ - ٥.
(^٧) جامع الموصل: هو جامع كبير تقام فيه الجمعة - بناه نور الدين محمود وسط السوق. وعن قصة بناء الجامع انظر: الباهر، ص ١٧٠؛ مرآة الزمان، ج ٨، ص ١٩٥؛ الروضتين، ج ١ ق ١، ص ٢٠ - ٢١، ج ١ ق ٢، ص ٤٨٠؛ معجم البلدان، ج ٤، ص ٦٨٤. وانظر ما يلى ص ٦١.
(^٨) "النوقاني" في الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٤٨٠.
1 / 58