وقال ابن التعاويذي (^١)، يمدح المستضيء، ويهنئه بما أتاه الله وأباحه له، قصيدة مطلعها:
لك النَّهْى بَعْد الله في الخَلْق والأَمْرُ … وفي يَدِكَ المَبْسوطَة النَّفَعُ والضَّرُ
وطَاعتُك الإيمَان بالله والهُدَى … وعِصْيانُكَ الإلحادُ بالله والْكُفْرُ
وَلَوْلاكَ ما صَحَّتْ عَقِيدةُ مؤمنٍ … تقىٍّ ولم يُقْبَلْ دُعَاءٌ ولا نذْرُ
مُر الدَّهْر يفْعَلْ ما تَشَاءُ فإنَّهُ … بأَمْرِكَ يِجْري في تَقَلُّبِهِ الدَّهْرُ
إِمَامُ هُدًى عمَّتْ سياسَةُ عَدْلِهِ … فَأوَّلُ مَقَتُولٍ بإحْسَانِهِ الْفَقْرُ
يُقَصِّر بَاعُ المدْحِ دُونَ صِفَاتِهِ … وَيَصْغُرُ أن يُهْدِى الَّثَّنَاء لَهُ الشِّعْرُ
وَكَيْفَ يُقَاسُ الْبَحْرُ جُودًا بِكَفِّه … وَمْنْ بَعْضِ ما تَحْويه قَبْضَتُه الْبَحْرُ
وَهَلْ لِضِيَاءِ البدْرِ إشْرَاقُ وَجْهِهِ … وَأَنِّي ومن أنْوارِهِ خُلِقَ الْبَدْرُ
ومَنْ يُسْتَهَل الْقَطْرُ مِن بَرَكَاتِهِ … عَلَى النَّاسِ ظُلْمٌ أنْ يُقَاسَ بِهِ القَطْرُ
وَكيْف يُهنَّى بالزَّمَانِ وإنَّمَا … تُهَنَّي به الأيَّامُ وَالعامُ والعَصْرُ
وَلَوْلا الإِمَامُ الْمُستَضِيُء وَرَأيُهُ … تَداعَتْ قوَى الإسْلامِ وَانْثَغَرَ الثَّغْرُ
بِهِ أيَّدَ اللهُ الْخِلافَةَ بَعْدَمَا … تَفَاقَمَ دَاءُ الْبَغْي وَاْسْتَفْحَلَ الشَّرُّ
فَمَنْ مُبْلغٌ تَحْتَ التُّرابِ ابْنَ هَانِئٍ … وَقْبْرَ المُعِزِّ إِنْ أَصَاخَ لَهُ الْقَبْرُ
بَأنَّ الحُقُوقَ اسْتُرجِعَتْ فِي زَمَانِه … على رغْمِ مَنْ نَاوَاهُ وافْتُتِحَتْ مِصْرُ
وَأنَّ اللَّيَالِي الدُّهمَ بالجَوْرِ أَشْرَقَتْ … عَلَى إثْرِهَا بالعَدْلِ أَيَّامُهُ الغُرُّ
شَكَرْنَاهُ مَا أولاه لا (^٢) إنّ وسْعنا … بنا بالغٌ ما يَقْتَضِيه لَهُ الشُّكْرُ
وَلَكنَّنا نُثْنِي عَلِيْهِ تَعَبُّدًا … وَإِنْ كَانَ عَنَّا ذا غنِّى فَبِنَا فَقْرُ
فما نبْتَغِي فِي لَيْلنَا وَنهَارِنَا … من الله إلاَّ أَنْ يُمَدَّ لَهُ العُمْرُ
_________
(^١) ابن التعاويذي: هو أبو الفتح محمد بن عبيد الله بن عبد الله الكاتب المعروف والشاعر المشهور. وهو سبط أبي محمد المبارك بن المبارك بن علي بن نصر السراج الجوهرى الزاهد المعروف بابن التعاويذي. وقد نسب إلى جده لأمه لأنه كفله صغيرًا ونشأ في حجره فنسب إليه. توفي في ثاني شوال سنة أربع وقيل ثلاث وثمانين وخمسمائة ببغداد. انظر وفيات الأعيان، ج ٤، ص ٤٦٦؛ ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب، ج ٤، ص ٢٧٩.
(^٢) "ما" في نسخة ب.
1 / 56