وفاته بالموصل، ومدة عمره أكثر من أربعين سنة، وخلَّف عدة أولاد، أكثرهم ملوك، منهم: سيف الدين غازي تولى السلطنة بعده، وعز الدين مسعود، وعماد الدين زنكي صاحب سنجار.
وقال ابن كثير (^١): وتملك من بعد قطب الدين ولده سيف الدين غازي، ابن الست خاتون بنت تمرتاش بن إيلغازي بن أرتق، أصحاب ماردين. وكان مدبر مملكته، والمتحكم فيهم، فخر الدين عبد المسيح (^٢)، وكان ظالمًا غاشمًا.
وفي تاريخ الدولتين (^٣): لما اشتد مرض قطب الدين، أوصى بالملك بعده لولده عماد الدين زنكي، وهو أكبر أولاده، وأعزهم [عليه] (^٤) وأحبهم إليه. وكان النائب عن قطب الدين حينئذ والقائم بأمر دولته فخر الدين عبد المسيح، وكان يكره عماد الدين زنكي؛ لأنه قد كان أكثر المقام عند عمه الملك العادل نور الدين وخدمه، وتزوج ابنته، وكان عزيزه وحبيبه. وكان نور الدين يبغض عبد المسيح لظلم كان فيه، ويذمه ويلوم أخاه قطب الدين على توليته الأمور. فخاف عبد المسيح أن يتصرف عماد الدين في أموره عن أمر عمه فيعزله ويبعده، فاتفق هو والخاتون ابنة حسام الدين تمرتاش، زوجة قطب الدين، فردُّوه عن هذا الرأي. فلما كان الغد أحضر الأمراء، واستحلفهم لولده سيف الدين غازي. وتوفي وقد جاوز عمره أربعين سنة.
وكان تام القامة، كبير الوجه، أسمر اللون، واسع الجبهة، جهوري الصوت. وكانت ولايته إحدى وعشرين سنة وخمسة أشهر ونصف شهر.
ولما توفي استقر سيف الدين في الملك، ورحل عماد الدين إلى عمه نور الدين شاكيًا ومستنصرًا. وكان عبد المسيح هو [متولي] (^٥) أمر سيف الدين وتحكم في مملكته، وليس لسيف الدين من الأمر إلا اسمه؛ لأنه في عنفوان شبابه وعزة حداثته.
_________
(^١) انظر: البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٢١٠.
(^٢) فخر الدين عبد المسيح: نائب قطب الدين مودود على الموصل. ثم مدير مملكته من بعده. كان نصرانيًا فأظهر الإسلام. كان سيئ السيرة خبيثًا في حق العلماء والمسلمين خاصة. أطلق عليه نور الدين: عبد الله، وأقطعه إقطاعًا حسنًا. انظر: البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٢٨٠.
(^٣) انظر: الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٤٧٢. وانظر أيضًا الباهر، ص ١٤٦.
(^٤) "فيه" في نسختى المخطوطة أ، ب. والمثبت بين الحاصرتين من الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٤٧٢، حيث ينقل العينى عنه.
(^٥) "يتولى" في نسختي المخطوطة أ، ب. والمثبت بين الحاصرتين من الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٤٧٣.
1 / 48