فصل فيما وقع من الحوادث في السنة الخامسة والستين بعد الخمسمائة *
استهلت هذه السنة والخليفة هو المستنجد (^١) بالله، وصاحب مصر العاضد (^٢)، والوزير بها صلاح الدين يوسف بن أيوب (^٣)، وقد كتب إلى نور الدين محمود (^٤) بن زنكي يستنجده على الفرنج؛ لأنهم حاصروا مدينة دمياط (^٥) في صفر من هذه السنة "خمسين يومًا"، بحيث ضيقوا على أهلها، وقتلوا منهم خلقا لا يحصون، وهم في أمم لا يحصون كثرة، قد اجتمعوا من البر والبحر؛ رجاء أن يملكوا الديار المصرية، وخوفا من استيلاء المسلمين على القدس الشريف (^٦).
وكتب صلاح الدين إلى نور الدين يطلب منه أن يرسل إليه بأمداد من الجيوش؛ فإنه إن خرج من مصر خلفه أهلها بسوء، وإن غفل عن الفرنج أخذوا دمياط وجعلوها معقلا لهم، يتقوون به على (^٧) أخذ مصر، فأرسل إليه ببعوث كثيرة يتلو بعضها بعضًا.
_________
(¬*) يوافق أولها ٢٥ سبتمبر ١١٦٩ م.
(^١) هو أبو المظفر يوسف المستنجد بالله بن المقتفي، الخليفة العباسي، تولى الحكم من سنة ٥٥٥ هـ/ ١١٦٠ م إلى وفاته سنة ٥٦٦ هـ / ١٧١١ م. انظر: ابن الأثير: التاريخ الباهر، ص ١٥٠ - ١٥٥، القاهرة ١٩٦٣ م؛ الكامل في التاريخ، ج ١٠، ص ٢٨ - ٢٩، بيروت ١٩٨٧ م؛ سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان، ج ٨، ص ١٧٧ - ١٧٨، شيكاغو ١٩٠٧ م؛ ابن واصل: مفرج الكروب، ج ١، ص ١٩٥ - ١٩٦، القاهرة ١٩٥٣ م؛ السيوطي: تاريخ الخلفاء، ص ٤٤٢ - ٤٤٤، مصر ١٩٥٩ م.
(^٢) هو أبو محمد عبد الله الملقب بالعاضد بن يوسف بن الحافظ محمد بن المستنصر بن الظاهر بن الحاكم، العبيدي الفاطمي، آخر ملوك العبيديين، توفي بمصر سنة ٥٦٧ هـ / ١١٧٢ م انظر: ابن خلكان: وفيات الأعيان، ج ٣، ص ١٠٩ - ١١٢، بيروت، دار صادر؛ ابن دقماق: الجوهر الثمين، ج ١، ص ٢٦٧ - ٢٦٩، بيروت ١٩٨٥ م؛ المقريزي: اتعاظ الحنفا، ج ٣، ص ٣٢٨ - ٣٢٩، القاهرة ١٩٦٧ م (المجلس الأعلى للشئون الإسلامية). وستأتي ترجمته في هذا الجزء في وفيات سنة ٥٦٧ هـ.
(^٣) هو أبو المظفر يوسف بن أيوب بن شاذي، الملك الناصر صلاح الدين، صاحب الديار المصرية والبلاد الشامية، توفي بدمشق سنة ٥٦٩ هـ / ١١٧٤ م انظر: العماد الكاتب: الفتح القسى، ص ٦٢٧ - ٦٢٩؛ وفيات الأعيان، ج ٧، ص ١٣٩ - ٢١٨؛ مرآة الزمان، ج ٨، ص ٢٧٢ - ٢٧٩.
(^٤) هو الملك العادل نور الدين أبو القاسم محمود بن عماد الدين زنكي بن قسيم الدولة آق سنقر التركي، سلطان الدولة النورية، توفي بدمشق سنة ٥٦٩ هـ/ ١١٧٣ م. انظر تفصيل ترجمته فيما سيأتي من هذا الجزء؛ الباهر، ص ١٦١ - ١٦٥؛ مرآة الزمان، ج ٨، ص ١٩١ - ٢٠٥؛ وفيات الأعيان، ج ٥، ص ١٤٨ - ١٥١؛ أبو شامة: الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٥٧٧ - ٥٨٥، القاهرة ١٩٦٢ م.
(^٥) عن تفاصيل حصار الفرنج لدمياط، انظر: البنداري: سنا البرق الشامي، ص ٨٦ - ٨٧، تحقيق فتحية النبراوي، مصر ١٩٧٩ م؛ الباهر، ص ١٤٤، الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٤٥٦ - ٤٥٧؛ مفرج الكروب، ج ١، ص ١٧٩.
(^٦) "وخوفًا من المسلمين أن يملكون القدس الشريف" في نسخة ب.
(^٧) "إلى" في نسخة ب.
1 / 33