Tam İlgi
العناية التامة في تحقيق مسألة الإمامة
Türler
ومن المعلوم أن الأنبياء لم ترشد أممهم إلى أنه يجب عليهم أن يعلموا نبؤتهم يقينا، وأن ينظروا في ثبوتها، ويستدلوا على إنصافهم بها، وأن يتطرقوا إلى ذلك بمعرفة عدل الله وحكمته، وأنه لا يجوز من الحكيم أن يظهر المعجزة على الكاذب، وأن هذه المعجزة التي ظهرت على النبي خارقة للعوائد، خارجة عن نوع الحيل والشعابذ، ولا قالوا لمن جاءهم مسلما من نحو الأعراب ومن لم يستطيع قرع هذا الباب لا يجوز لك أن تعتقد نبوئتنا ولا أن تجيب دعوتنا، إلا بعد أن تنظر في أمرنا، وتيقن صحة ما ذكرنا، فإنه إذا كان فرضه العلم اليقين، ومعرفة صحة النبوة بالأدلة والبراهين لم يجز له أن يعتقد ذلك ولو ثبتت النبوءة في نفس الأمر اعتقادا غير يقين، لأنه يكون مقدما على ما لا يؤمن قبحه، والإقدام على ما هذه صفته كالإقدام على القبيح، والمقدم على القبيح يجب الإنكار عليه، وليس يصح على الأنبياء أن يقروا من يرتكب محظورا عليه ولا يساعدوه إليه.
ومن المعلوم يقينا أن عادة الأنبياء -عليهم السلام- وهجيراهم وديدنهم ما كان إلا قبول قول من جاءهم مسلما، والسرور بمن وفد عليهم مؤمنا، مع علمهم من حاله أن النظر المؤدي إلى العلم لا يخطر بباله، ومما يشهد بذلك الخبر الذي أخرجه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، في كتبهم المشهورة.
Sayfa 86