Tam İlgi
العناية التامة في تحقيق مسألة الإمامة
Türler
قلت: وليس في كلامهما -عليهما السلام- هذا تصريح ولا تعريض، بأن ذلك مقصو(ر) على جهة دون جهة، ولا على ناس دون ناس، ولا أنه يتوقف على نفوذ الأوامر، ثم نقول لأهل الفتوى: تلك الفتوى المتبعة للأهواء، قد نص في (الياقوتة) وغيرها على أن الأفضل عند أهل هذا المذهب الصرف إلى الإمام، فإذا أفتيتم به فلم لم تعرفوا العوام بأن الأفضل خلاف ذلك، ثم نقول لهم: قد ذكر الفقيه العلامة يوسف بن أحمد بن عثمان، في (الزهور)، وغيره، وحكوا عمن حكوا عنه أن هذا مع عدم مطالبة الإمام بالحقوق، فأما مع المطالبة منه فيكون أمرها إليه إجماعا، ثم نقول: قد نص أهل المذهب على أن للإمام أن يلزم الناس مذهبه فيما يقوي به أمره، فأين أنتم عن الإلزام وعن وجوب الإلتزام!؟، ثم نقول لهم: هلا قصدتم الله عز وجل في العوام بأن تفتوهم بما هو الأحوط لهم في دينهم، فإن القائلين بأن ولايتها إليهم يقولون بأن صرفها إلى الإمام أفضل، والقائلين بأن ولايتها إلى الإمام يقولون صرفهم لها بأنفسهم لا يجزيهم، ويصيرون آثمين مطالبين بها في الدنيا والآخرة، فأي شيء هو الأولى لهم تسليمها إلى الإمام فيقع الخلاص لهم إجماعا، أو تفريقها بأيديهم فيكونوا في ذلك عند البعض آثمين مجرمين مفرطين متبوعين، بل أعظم من هذا، أن الإمام المنصور بالله -عليه السلام- نص في (المهذب) أنه من أخذ الزكاة في عصر الإمام معتقدا لجواز الأخذ كان ردة، لرده ما علم ضرورة وإن أخذ ما علم بالتحريم كان فسقا، وهكذا يكون عنده حكم الصارف إذ لا فرق، فهلا إذا كنتم لستم في منصب الإفتاء، وإنما قصدتم الحكاية حكيتم هذا المذهب الفاجع الزائغ، المقتضي للهرب مما نص هذا الإمام الجليل على أنه ردة، وكقور نعوذ بالله منه ومن السلوك في مسالك الغرور، فيتبين أن المفتي بذلك المذهب من أهل الأهواء والأغراض والقلوب المراض.
واعلم أن مذهب أبي طالب في هذه المسألة ضعيف جدا، وقد وقفنا لبعض العلماء على نسبته فيه إلى الغلط، ثم إنا نوضح ضعف هذا المذهب، بوجوه غير ما تقدم ذكره:
أحدها: أن نقول: تسليم الحقوق إلى الإمام حق من حقوقه الواجبة على الإمام، وقد صرحتم بسقوطه عمن لم تنفذ أوامره عليه، ولم يكن من أهل الناحية الذين تظهر عليهم طاعته، وينفذ عليهم وطأته، فهل تقولون أن سائر حقوقه التي يجب لهم من طاعة أو محبة (والالتزام بعروته) والجهاد بين يديه وإجابة داعية وغير ذلك ساقطة عمن تلك صفته، بسقوط وجوب تسليم الحقوق إليه أولا؟
إن قلتم: نعم، هي كلها ساقطة عنه كسقوطه، كان حاصل كلامكم أنه من لم ينفذ أوامر الإمام عليه لم يتوجه الخطاب بوجوب طاعته إليه، فيكون وجوب القيام في حقه كعدمه، ولا يثبت إلى الإمام حكم من الأحكام إلا في حق من جرت أحكام ولايته عليه، حتى لو لم ينفذ أوامره إلا على أهل محله لم يكن إماما إلا لهم فقط، ولو لم ينفذ أوامره على أحد لم يكن إماما لأحد وكان كواحد من سائر الناس، وهذا إبطال لأحكام الإمامة، وتنكيس لها على الهامة، ورمي بها في جب ثمانين قامة، هذا مالا ينبغي أن يقول به مميز من الناس، ولا يلتبس عليه شيء من الإلتباس.
Sayfa 131