Psikoloji Bilimi: Edebi Felsefenin İlkeleri
علم أدب النفس: أوليات الفلسفة الأدبية
Türler
فلذلك لكي يكون الإحسان مبدأ أدبيا يجب أن يصنع عن يد المجتمع، وأن يناله الفرد المحتاج إليه من المجتمع؛ لأنه حق للفرد الضعيف على المجتمع، كما أنه حق للمجتمع على الفرد القوي؛ لهذا تطور الإحسان في الأمم الراقية، فمن جهة أنشأ الأغنياء الموسرون الجمعيات الخيرية والمعاهد والملاجئ المجانية لكل ضعيف وبائس ومحتاج، كما أن الحكومة من جهة أخرى حظرت الشحاذة والاستعطاء؛ لأن المعاهد والملاجئ تسد حاجة المحتاجين. وبهذا الأسلوب أصبح الإحسان مبدأ أدبيا كواجب على القوي نحو المجتمع، وكواجب على المجتمع نحو الضعيف. فالقوي يحسن على الضعيف عن يد المجتمع. (3-5) الحكمة هي معرفة النسبة الاجتماعية
وجدنا في مباحثنا الآنفة في الفضيلة على العموم، وفي العدالة على الخصوص، أن جذور الفضيلة منغرسة في النسبة التصورية التي بين الكل والجزء؛ أي بين المجتمع والفرد. أما هذه النسبة فقائمة في مطاوعة سنن الحياة الاجتماعية. والعدالة تتوقف على قوة نظرنا للكل في الجزء، أي نظرنا للمجتمع مثلا في الفرد، أو بعبارة أخرى: إدراك ما يحق للفرد من الحصة في حياة الجماعة. هذه هي نواة الحكمة؛ أي إن الحكمة تجعلنا نفهم هذه الحقيقة، وكلما اتسع علم الإنسان أفضى به علمه إلى إدراك كنه هذه الحقيقة، ولكن كيف يعرف أن للفرد حقه في حياة المجتمع، وكيف تعرف قيمتها.
لا بد من حدة النظر لإدراك النسبة بين الكل والجزء؛ ليعرف نصيب الفرد فيها، وكذلك لا بد من إدراك أن هذه النسبة من أجود الغايات الأدبية التي ينبغي أن يتجه إليها سلوك الإنسان الأدبي؛ فالحكمة المكملة للعدل في فضيلة المحبة إنما هي إدراك أن سنة الحياة هي وجود هذه النسبة بين الكل والجزء - الفرد والمجتمع - وأن هذه النسبة هي أجود الغايات الأدبية. ففي كل مسلك من مسالك الإنسان ينبغي تحقيق وجود هذه النسبة بين الفرد والمجتمع، فإن كانت قائمة على قاعدة إرادة الخير للجماعة، والمطابقة لنظم نجاح المجتمع كانت نسبة جيدة، فإدراك الشخص صاحب السلوك جودة هذه النسبة على هذا النحو هو الحكمة عينها، وقول سقراط: إن الفضيلة معرفة؛ أي أن تعرف الحق فتفعله، مقارب لتعريفنا الحكمة كما تقدم. والقول الأصح هو أن فعلك للحق أفضل أساليب معرفتك إياه.
فإذا كان إدراك هذه النسبة وجودتها عادة في الإنسان أو سجية كانت الحكمة فضيلة له، وكانت قوة الحكم في المواقف الأدبية خلقة فيه، فقلما يشذ عن قاعدة العدل حين يحسن النية، وإذا كانت هذه الفضيلة عادة أصلية فيه تسنى له أن يسرب سائر الفضائل وينقحها ويقومها جيدا. (3-6) توسع معنى الحكمة
وقد عني سقراط وغيره من الفلاسفة القدماء ومن جرى مجراهم بالحكمة أكثر مما تحتمله من المعنى؛ فقد عنوا بها عمق النظر، أو عمق التبصرة وإصابة كبد الحقيقة؛ ولذلك حملوها كثيرا من المسئولية إلى أن قربوها إلى الضمير، وكادوا يقربونها إلى البديهة؛ فالحكيم في نظرهم يكاد يكون معصوما من الخطأ.
ربما كانت الحكمة في العصور القديمة تحتمل هذا المعنى؛ إذ كانت مطالب الحياة أبسط وأقل، وخطط السعي أقصر وأقل تلويا، والنسبة بين الفرد والمجتمع أقل متانة. أما الآن وهذه النسبة أشد توثقا، والعلائق بين الأفراد أكثر تعقدا، ومثيرات العواطف والشهوات والانفعالات أكثر تعددا وتواترا، ناهيك عن تعاظم قوى الوجدان لكثرة تروضها بالمعارف بحيث أصبحت تتدفق في منافذها، وتفاقم ضروب التمتع التي لا يتسنى دائما إشباعها، كل ذلك جعل مهمة الحكمة صعبة جدا؛ لأنه مهما كان النظر بعيدا وحادا، والتبصرة عميقة، فلا يسلم العقل من الضلال عن العدل. (4) الإيمان
بقيت فضيلة لم يشر إليها أحد من علماء الآداب، في سياق بحثهم في الفضائل، وهي فضيلة الإيمان؛ إيمان الفرد بقوة هذه النسبة بينه وبين المجتمع قوة تداني الألوهية، القوة الحاضرة في كل مكان، والقادرة على كل شيء، القوة التي يعتصم بها في جهاد الحياة، ويستند إليها في الملمات، ويستعاذ بها من الكوارث والنكبات ويحتمى بها من غارة الأعداء، القوة التي يلتمس منها العدل والرحمة والعون. وبهذا الإيمان ينبري الفرد للتضحية في سبيل سلامة المجتمع.
فإيمان الفرد بهذه القوة في نسبته إلى المجتمع يقرر أدبية شخصيته، ووجود الفضائل الأخرى فيه، فإذا خلا من هذا الإيمان ضعفت فضيلة العدل فيه، وتضعضعت فضيلة الحكمة منه، ولم تعد الشجاعة ولا التعفف فضيلتين، بل تضحيان سجيتين شخصيتين خلوا من الأدبية.
فلذلك يعد الإيمان أساس جميع الفضائل الأربع، كما تعد المحبة أس فضيلتي العدل والحكمة، ومنه تفرعت الثقة المتبادلة بين الأفراد؛ لأنه متى استتب إيمان الأفراد بمجتمعهم كان كل فرد مطمئنا على حقه، ضامنا حمايته، كما أنه يثق بقيام العدل من تلقاء نفسه بينه وبين جاره. (5) تربية الفضائل
تختلف الفضيلة عن الخلق المحرك للفعل بأنها لا تنتمي كثيرا للغريزة كما ينتمي الخلق إليها، بل هي تنمو وتقوى بالرياضة النفسية والتربية والتعليم؛ الفضيلة تتوقف على القلب الطيب الذي جعل في المرء، لا على النبضة الغريزية التي تكيف الخلق.
Bilinmeyen sayfa