Psikoloji Bilimi: Edebi Felsefenin İlkeleri
علم أدب النفس: أوليات الفلسفة الأدبية
Türler
إذن تقول: إن معرفة الإنسان جانية على حريته، فلو كنت أجهل أيهما حلو: العسل أم الحنظل، أو أيهما دسم أو سم، لكنت أتردد في اختيار أحدهما، وأخيرا أختار لأختبر، فأنا حر الاختيار فيما أجهله، وأما فيما أعلمه فما أنا حر؛ ولذلك لم أكن حرا في السفر إلى البلد الفلاني لكي أقبض الدين من فلان؛ لأني عالم أن فلانا وعدني بإيفاء دينه في اليوم الفلاني ووعده صادق.
ولكن هل حقيقي أن الإنسان عالم بالأسباب والنتائج؛ ولذلك لا محل لاختياره، بل هو مسوق إلى فعل هذا دون ذاك؛ لأنه عالم بالنتيجة؟ فهل أنا حر أن أشتغل أو لا أشتغل وأنا عالم أنني إذا لم أشتغل فلا أرتزق؟ وهل أنا حر في أن أقتل فلانا أو لا أقتله وأنا عالم أن الحكم بالموت قصاص القاتل؟
وكأنك تقول: إن الإنسان يتميز عن الحيوان بأن له عقلا يمكنه من معرفة الأسباب والنتائج، وهو يعلم جيدا نتيجة عمله؛ ولذلك لا يعد حرا في الاختيار، بل هو مضطر أن يفعل الأفضل، والأفضل واحد، ولا اختيار في الواحد.
وقد تمادى منكرو الحرية في تقيد الإنسان بالأحوال والظروف بحيث لا يبقى له وجه للاختيار، وزعموا أن الأفعال والحوادث سلسلة، وكل حلقة منها نتيجة لما قبلها، ومرشحة للحلقة التي بعدها؛ ولذلك يستطيع الإنسان بفطنته أن يعلم مآل فعله، وعلمه هذا يقيد إرادته بحيث لا يستطيع أن يختار إلا أمرا واحدا، وهو ما يعلم نتيجته. فهو يشرب الخمرة لأنه عالم أنها تسره، وهو يبتغي سرورها المباشر، أو هو يمتنع عنها لأنها تضر صحته، وهو يبتغي سلامة جسده وعقله. فلا اختيار له في أمر يعلم غايته التي يبتغيها.
فالإنسان ذو ذكاء يستطيع أن يتنبأ عن مصير عمله؛ ولهذا لا يمكن أن يوجه عمله إلا إلى ما يعتقد أن مصيره أفضل خير له. إذن ليس الإنسان حرا، بل هو مقيد بالمصير الذي يعتقده أفضل. هذا هو تعليل نظرية القيديين؛ أي منكري الحرية. (1-3) الاعتقاد غير المعرفة
ولكن هل اعتقاد المرء صائب دائما؟ ألا يمكن أن ما يعتقده أفضل خير له يفضي إلى شر له؟ ألا يمكن أن تخالف النتائج ظنه؟ لنعد إلى المثل الأول.
سافرت إلى بلد المدين وأنت واثق أنك ستقبض الدين لأن المدين صادق الوعد، وقد عينتما الموعد والميعاد، ولكن عرض لك في الطريق صديق فأغراك بكأس من الخمرة، ثم أغراك بمقامرة برهة طويلة؛ ففات الوقت. فلما قصدت إلى المدين وجدته قد استبطأك، فتغيب لظنه أنك أرجأت استيفاء الدين إلى حين آخر. فهنا تغير ظرفك من الصحو إلى السكر والمقامرة، ومن وجود المدين إلى تغيبه، فعلمك تغير إلى جهل، وبالتالي تغيرت النتيجة، وكان فشل بدل تحقيق الأمل؛ فندمت على ما فعلت.
إذن هنا تعود إلى وجدانك وتقول: لو لم أسكر وأقامر لما خبت مؤملا. هنا قام لديك مبدأ الحرية: أما كنت حرا في أن تسكر أو لا تسكر؟ أما عرض لك أمران: إما أن تستمر في سفرك إلى المدين، أو أن تنصاع لصديقك؟ أما كنت مختارا أحد أمرين؟
إن ألم الندم يشهد بسوء اختيار الوجه الواحد، كما أن الفرح بتحقق الأمنية يشهد بحسن اختيار الوجه الآخر. والاختيار إثبات للحرية؛ فالحرية ليست أن تفعل ما تشاء بلا قيد ولا شرط، بل هي أن تختار بتعقل الأمر الذي تعتقد أنه أفضل نتيجة، فإذا ساءت النتيجة لم تكن إرادتك ملومة، بل كان تعقلك ملوما؛ لأنه لم يحسن الإرشاد إلى النتيجة الفضلى، أو أنه كان جاهلا المصير وتقلب الظروف.
إذا كان الإنسان أمام وجهين كل منهما مقرر النتيجة، وأفضلية إحدى النتيجتين على الأخرى مقررة، فهو بالطبع غير مخير؛ وبالتالي ليس حرا، ولكن من حكم له بأفضلية الوجه الواحد على الآخر؟ فهناك أخلاقه من شهوات وعواطف وأميال، وهناك تعقله الذي في يده ميزان الحق والصواب، وهناك ظروفه المتقلبة التي لا سلطة له عليها. كل هذه تتنازع الحكم وتقرير الأصوب والأفضل. والأفضل عند هذه غير الأفضل عند تلك، وغاية هذه غير غاية تلك. إذن مهما كان الأمر مقرر النتيجة فلا بد أن تجد الإرادة نفسها متقلبة بين هذه المتنازعات، ولها أن تختار؛ فهي إذن حرة. (1-4) الأفضل مشكوك فيه
Bilinmeyen sayfa