Psikoloji Bilimi: Edebi Felsefenin İlkeleri
علم أدب النفس: أوليات الفلسفة الأدبية
Türler
فهنا لديه سعادة عائلته وسعادة الأسرة أو العشيرة، فعلى أيهما يجب أن يكون أحرص؟ إذا كانت سعادة عائلته متوقفة على سعادة العشيرة كلها، فبالطبع يجب أن تقدم سعادة العشيرة على سعادة العائلة. هذا إذا كانت روابط العشيرة متينة. وأما إذا كانت هذه الروابط رخوة، والخلاف والنزاع ينتاب العشيرة كل حين بعد آخر، فالمسافة فيها نظر، فللفرد أن يتحمل من الواجب نحو العشيرة بقدر ما فيها من الارتباط والتضامن، وإلا كانت تضحيته الكثيرة لها غبنا لعائلته أو لأسرته.
هكذا الأمر بين الأقوام والأمم والشعوب، فإن مقدار ما في القوم من التضامن والتكافل والتعاون يعين ما على الفرد من الواجب وما له من الحق، أو يقسم حقه وواجبه بين نفسه أو عائلته وبين قومه. والجماعات عشائر أو قبائل أو أقواما أو أمما وشعوبا تسير في سبيل رقيها إلى المثل العليا بقدر ما فيها من التضامن والتعاون، اللذين يعينان ما على أفرادها من الواجبات وما لهم من الحقوق.
وبقدر ما تتوزع الحقوق والواجبات بالتكافؤ حسب الاستحقاق والمقدرة تسرع القبيلة أو الأمة في سبيل الرقي. والأمة التي يختل فيها هذا التوازن بين أفرادها في الحقوق والواجبات، ويكثر فيها الغبن والحيف والاغتصاب - إما لأن القوانين غير عادلة، أو لأنها غير منفذة - تتقهقر وتتعرض للفناء. (2-3) محدودية حق الفرد وواجبه
إذن حق الفرد وواجبه محدودان بحدود دائرة أمته أو قومه، وما وراء هذه الدائرة يباح له كل ما يستطيع الحصول عليه، ولا يجب عليه شيء. على هذه القاعدة تعينت الحقوق والواجبات في الأمم القديمة، وعلى هذه القاعدة كانت القبائل والأمم تغزو بعضها بعضا، وتعد الواحدة ما تنهبه من الأخرى بالسيف حقا لها جزاء لانتصارها؛ أي لأرجيحة قوتها على قوة الأخرى، ولكن إذا كان أحد أفراد هذه الأمة المنتصرة ينهب جاره يعد مجرما ويعاقب.
على هذه القاعدة أوعز موسى لنساء بني إسرائيل أن يستعرن حلي نساء المصريين ليأخذنها معهن حين هربت الأمة الإسرائيلية من مصر، وعلى هذه القاعدة كان موسى يعد بني إسرائيل وهم في برية سيناء بأرض كنعان وبيوت أهلها وإناثهم وماشيتهم كغنيمة لهم، وعلى هذه القاعدة تستبيح دول أوروبا الآن استعمار بلاد الشرق وشمالي أفريقيا، واستثمار أتعاب أهلها.
فهي تقيم قسط الحق بين أفراد شعوبها، ولكنها لا تقيمه بينها وبين أمم الشرق، ولا بين بعضها والبعض، بل تعتمد على القوة في تحديد الحق، فإذا حدث صدام بين حق إنكلترا وحق مصر مثلا كان حق إنكلترا عند الإنكليزي مقدما؛ لأن لها أسطولا يأخذه عنوة، ولكن إذا حدث مثل هذا الصدام بين إنكلترا وكندا أو أستراليا مثلا لا يتحرك الأسطول، بل يتقدم قضاء بريطانيا والمستعمرات للفصل في الخلاف على قاعدة الحق الذي عينه تضامنها وتعاونها. (2-4) نسبية الحق والواجب لقوة التضامن
فترى مما تقدم أن سنة الحق والواجب القوميين نسبيان؛ أي إن الحق والواجب مناسبان لقوة التضامن والتكافل بين الأفراد والجماعات. فالحق في الجماعة أو الأمة الواحدة هو الحق الذي يقضي به الضمير ولو مسندا إلى شريعة تزكيه، ولكنه بين جماعة وأخرى، أو أمة وأخرى، أو طبقة وأخرى؛ كالأعيان والعامة، تعينه القوة بنسبة القوتين المتنازعتين. ولا يخفى عليك أن الحق الذي تعينه القوة ليس حقا أدبيا. (2-5) الحق والواجب المطلقان
قد تقول إذن: لا حق مطلق مستمد من الضمير، وغير مستند على القوة، وإذن لا شأن للسنن الأدبية؛ لأنها لا تعين الحق المطلق مهما اختلف الأفراد والطبقات والجماعات والأمم.
بلى، يوجد حق مطلق لا مصدر له غير الضمير السليم إذا ألغينا القومية والشعبية والدولية، وأقمنا مكانها الإنسانية فقط، وجعلناها رابط الأمم الأسمى، واعتبرنا جميع الناس على اختلاف مللهم ونحلهم أفرادا في مجتمع واحد هو الإنسانية، حينئذ يعين الحق المطلق التضامن المفروض بين جميع الناس، وتعاونهم في السير بالإنسانية إلى المثل الأعلى في السعادة العامة.
ونعتقد أن العالم كله سائر في هذا السبيل تحت راية الإنسانية؛ لأن الأمم بجريها جميعها نحو المثل الأعلى في رقيها الأخلاقي والعلمي والسياسي والاقتصادي أصبحت تشعر بضرورة التضامن العام والتعاون الشائع. وهما يوجبان عليها توحيد الحق والواجب والاتجاه إلى الحق المطلق. فالأمم الآن تتبادل المنافع وتشترك في المصالح؛ ولذلك تعقد المعاهدات وتسن القوانين الدولية. وأخيرا لم تر بدا من إنشاء القضاء الدولي، وتأليف جمعية لهذا الغرض.
Bilinmeyen sayfa