Psikoloji Bilimi: Edebi Felsefenin İlkeleri
علم أدب النفس: أوليات الفلسفة الأدبية
Türler
ربما كان هذا التعليل صحيحا فلا ينفي تأثير الروحانية في تقرير هذا العمل الإنساني: إلغاء الرق وتحرير المرأة؛ لأنه إذا لم تتأثر النفس البشرية الراقية من الحيف الواقع على فريق من البشر، ولا تتألم لألم هذا الفريق، فلا يحدث هذا الاقتناع المشار إليه آنفا؛ لأن المنتفعين من الرق لا يقتنعون بسبب كهذا لإلغائه قبل أن يقمعوا شهوة طمعهم بعرق جبين العبيد، ولا يقمعون هذه الشهوة إلا إذا كانت روحانيتهم قد ارتقت إلى حد تعشق الإنسانية، وصار خير المجتمع غرضهم الأقصى.
ثم إن الذين قاموا بمهمة إلغاء النخاسة لم يقوموا بها إلا بدافع الإنسانية، وإذا كانوا قد حاولوا أن يبرهنوا للقوم أن الإلغاء نافع للمجتمع فمن قبيل الدعاية.
فحيث تقتضي الظروف الاجتماعية تغيير مبدأ أدبي، فإذا كان المبدأ الجديد المطلوب إنسانيا انبرت الروحانية، فالذي أيد إلغاء الرق وتحرير المرأة ليس كونهما نافعين للمجتمع من الوجهة الاقتصادية؛ بل لأن الروحانية الإنسانية التي نحن بصددها زكت هذا التعليل ووافقت عليه.
فالروحانية الإنسانية لازمة لترقية المبدأ الأدبي. ولكي يثبت المبدأ الأدبي الجديد لا بد من ابتغائه لنفسه لا كواسطة، وإلا فابتغاؤه كواسطة يدل على مرض الروحانية الأدبية، وبالتالي تتغلب الشهوات والنوابض الجسدية على الروحانية الأدبية، وتقتل فيها المبدأ الأدبي الأعلى. (3-6) الدعاية للمبدأ الأدبي
لم يقتصر الرقي الأدبي على إدراك المبدأ الأعلى وتشبع النفس الصالحة به، بل شمل أيضا الدعاية له، وقد علمت أن الحكمة من الفضائل الرئيسية، ووظيفتها إرسال أشعة الروح الأدبية على السلوك كي يجري في المجرى القويم على هدى. ولا تتشبع النفس بالروح الأدبية إلا عن يد المعرفة، وما لطف أخلاق الناس ودمث طباعهم إلا العلم، وما أشبع نفوس الناس بالعطف وحب الإنسانية إلا المعرفة، وما ترفعت عن الدنايا والخسائس والمخازي والرذائل إلا النفوس المتشربة بالمعرفة والعلم، وما فعلته الشرائع الدينية والسياسية في تدميث الأخلاق وتهذيب النفوس في قرون وأدهار فعلت المعارف أعظم منه في عصور قصيرة.
لذلك كان من خصائص المبدأ الأدبي الذي يجعله الإنسان الراقي نموذجا لحياته، الدعاية لهذا المبدأ ونشره؛ فالدعاية نفسها غاية أدبية تراد لذاتها لا كواسطة لغاية.
كانت المعرفة في أزمان التاريخ القديمة احتكارا لكهنة الدين الذين كانوا رجال السياسة أيضا، وكان اللاهوت والسياسة مندمجين معا، وكان العامة محرومين من الاطلاع على أسرارهما؛ ولهذا كان جانب من علوم الكهنة سحرا وتدجيلا على العامة المغفلين. هكذا كانت المعرفة أسيرة رجال الدين والسياسة عند المصريين القدماء ومعاصريهم البابليين والفرس والماديين، حتى عند الإسرائيليين كانت النبوءات ألغازا.
وعند اليونان والرومان كانت الصراحة أسرارا مقصورة على الكهنة والكاهنات، وفي القرون الوسطى كان اللاهوت احتكارا للإكليروس، والعلم والفلسفة مقيدين بالكنيسة؛ فما تجيزه الكنيسة يجوز، وما تحرمه تعاقب من يقول به أو تضطهده كما اضطهدت غاليلو، وكما اضطهد المسيح وسقراط من قبله.
وهكذا كان تقييد المعرفة وحبسها عن العامة من أسباب بطء الرقي الأدبي، ولكن كما ضعفت السلطة الفردية باستقواء الديموقراطية، واتسعت دائرة حرية الفرد، انطلقت المعرفة من عقالها، وصارت فضيلة مباحة لكل فرد. والآن صار نشرها مبدأ أدبيا أسمى يرام غاية لا واسطة لمن يرومه، فمؤلفو الكتب والوعاظ والخطباء والكتبة على اختلاف أنواعهم إنما هم دعاة المبدأ الأدبي، ومعاهد العلم وأنديته التي ينشئها أهل الفضل من الأميركان وغيرهم في الشرقين وفي بلادهم إنما هي دعاية لنشر المعرفة مجانا؛ بغية ترقية الفضيلة في الجنس البشري. ولعل المسيح أول من قال بالدعاية للفضيلة؛ إذ قال لتلاميذه: «اذهبوا إلى جميع العالم واكرزوا.»
ولا يخفى عليك أن استمرار نشر المعرفة على هذا النحو في جميع أنحاء المعمور يرقي الأمم جميعا إلى مستوى واحد، ويؤهلن إلى اعتناق مبدأ الحق الواحد تحت راية الإنسانية العامة الشاملة، ويعدهن للارتباط في جسم اجتماعي واحد أعلى يكن هن أجزاءه. حينئذ يصبح كيان كل أمة ونجاحها متوقفا على سلامة هذا الجسم الأممي الأعلى، كما أن سلامة الفرد ونجاحه الآن يتوقفان على سلامة المجتمع الذي هو جزء منه.
Bilinmeyen sayfa