Psikoloji Bilimi: Edebi Felsefenin İlkeleri
علم أدب النفس: أوليات الفلسفة الأدبية
Türler
على أنه لا بد من إلفات نظر القارئ إلى ملاحظة جوهرية في هذا التنازع، وهي: أن أي نمط من السلوك، أو أي نظام أو عادة لا يعد جيدا لأنه نجح، بل هو جيد لأنه فضل على سواه، وما نجاحه إلا دليل على جودته، ولكن النجاح لا يكون دائما دليلا على الجودة؛ فقد يكون الأمر جيدا، ولكنه لا ينجح، وقد ينجح ولكنه لا يكون جيدا.
فسر نجاح الأسلوب ليس في جودته، بل في أفضليته لحالة المجتمع كما هي؛ لأن فيه خصائص مصاقبة لأحوال المجتمع، بحيث إن المجتمع يصاغ به من غير أن يحدث احتكاك بين الأفراد؛ أي إن الأحوال الاجتماعية التي يدخل إليها هذا الأسلوب الجديد لا تضطرب. والمجتمع نفسه يستطيع أن يحيا من غير أن يعرقل قسم منه حياة الأقسام الأخرى، بل تبقى جميع أقسامه متوازنة فيه.
بهذا المعنى يعد الأسلوب جيدا، فحين كان الأرقاء راضين برقهم كان نظام الرق حسنا، ولما شرع بإلغاء هذا النظام شعر الأرقاء بمثل ظلم في إلغائه؛ لأنهم وجدوا أنفسهم مضطرين أن يسعوا إلى رزقهم بأنفسهم، بمطلق اختيارهم، وبإرشاد عقولهم، بعد أن كانوا يعيشون متكلين على تدبير غيرهم جزاء لعملهم.
كذلك نرى جانبا كبيرا من المتحجبات متمسكات بالحجاب الآن؛ لأنهن تعودنه ويستحين بالسفور، أو لأن رجالهن لا يردنه وهن يأبين الخروج من تحت طاعة رجالهن؛ ولهذا يحدث اضطراب في المجتمع الشرقي بسبب تنازع الحجاب والسفور. فمتى زال هذا الاضطراب وعاد التوازن إلى المجتمع؛ يصبح السفور صالحا للمجتمع، فنقول عنه حينئذ: إنه جيد، ونجاحه دليل على جودته. (3-5) معركة التنازع
قد تقول: إذا كان أي أسلوب جديد في الحياة لا يعد جيدا قبل أن يستتب، وإذا كان يحدث اضطرابا في المجتمع، فلا نقدر أن نقول: إنه جيد؛ لأنه قد لا يستتب. فما الذي يجعلنا أن نتوخاه وأمامنا خطر الاضطراب الاجتماعي، أو فقد توازن الاجتماع؟ وعندنا أن دليل جودة أساليب الحياة هو توازن المجتمع. فهذا التوازن هو جيد بحد نفسه. فما الذي يحملنا على تعريضه للخطر ونحن غير واثقين من رجوعه إلى السلامة؟ ما الذي يقنعنا أن الأسلوب الجديد الذي نتوخى إدخاله إلى أنظمة المجتمع جيد؟
نقول: إن الانتخاب الأدبي الذي أشرنا إليه يعمل عمله من غير أن نريد، فهو سنة. وهذه السنة تقضي بالتنازع كما علمت، والتنازع يحدث اضطرابا، ومتى انتهى ببقاء الأفضل عاد التوازن إلى حاله. فإذا كنا نعمد إلى مقاومة سنة التنازع الأدبي بالحرص على التوازن الاجتماعي كنا نعارض مجرى التطور أو الرقي الأدبي، ونصده في سبيله. فما دام هذا التطور جاريا في مجرى الرقي، فلا بد من اختلال التوازن كلما نزل نظام جديد، أو أسلوب أدبي جديد إلى ميدان النزاع، ولا بد من رجوع التوازن إلى نصابه متى انتهت المعركة.
وهكذا يكون الرقي الأدبي والاجتماعي درجات تنازعية أو سلسلة معارك. ولا بد من التدرج في ميادين النزاع على هذا النحو ما دام أمام الإنسانية «مثل أعلى» تسعى إليه، فكلما أبدلت نظاما جديدا بنظام عتيق ولو بمعركة خطت خطوة إلى المثل الأعلى، ولا بد أن تبتدع أنظمة جديدة ما دامت بما لها من النزعة إلى الرقي تبتدع عقولا متميزة بالمواهب. وهذه المواهب العقلية قوى تحدث حركة، وحركتها في تقليب الأنظمة. (3-6) هل الرقي سعادة؟
هنا يلوح في البال مبدأ السعادة الذي هو من أهم العناصر الأدبية، وهو محور من محاور الحياة الأدبية، فقد نسأل أنفسنا: هل في هذا الرقي القائم على سنة التنازع وبقاء الأفضل سعادة؟ وما هي السعادة المتضمنة في عملية الانتخاب الأدبي على نحو ما رأيناها؟
لقد فسرنا السعادة فيما سبق بأنها إرضاء للرغبة، أو بالأحرى إرضاء لعدد أوفر من الرغائب النفسية، وعلمنا أن السعادة ليست الغاية الأدبية القصوى، وإنما هي مصاقبة لها، أو أنها تأتي معها وبها، وأن الغاية القصوى هي صوغ الشخصية بسجية الرغبة في المثل الأعلى. فإذن السعادة القصوى هي في تنظيم الرغائب وتوجيهها إلى المثل الأعلى، وفي إدراك هذا التنظيم.
وما عملية الانتخاب الأدبي إلا هذا التنظيم؛ تنظيم الرغائب المؤدية إلى المثل الأعلى، والجالبة معها السعادة القصوى، تنظيمها بحيث تجعل أساليب الحياة وأنماطها مصاقبة لأحوال المجتمع. فالسعادة مندمجة في الغاية؛ ولهذا تبدو لنا أنها الغاية نفسها. فنحن نبتغي السعادة، والإنسانية المطلقة تبتغي المثل الأعلى في تحسين الشخصية وتجميلها، متذرعة إلى هذه الغاية بإحداث السعادة في النفس البشرية. (3-7) ماذا يدفعنا أن نسلك إلى المثل الأعلى؟
Bilinmeyen sayfa