Psikoloji Bilimi: Edebi Felsefenin İlkeleri
علم أدب النفس: أوليات الفلسفة الأدبية
Türler
سنن التطور الأدبية
(1) مقتضى التطور (1-1) للإنسان غاية قصوى يرمي إليها
رأينا في غضون مباحثنا الماضية أن الإنسان لا يسلك في عالمه اعتباطا إلى مصير مطلق غير مقيد ولا محدود، ولا هو ملقى في عالمه كريشة في مهب الرياح تحت تصرف العوامل الخارجية المطلق. لا، بل هو يسلك ونصب عينيه دائما غاية يسعى إليها، هو يعقلها ويعينها. وبهذا يمتاز على سائر المخلوقات المسيرة غير المخيرة، وعلى الحيوان الذي وإن كانت فيه نبضات حيوية تتجه إلى غاية محدودة، بيد أنه قلما يعقلها، وقلما يعينها.
وقد علمنا أن الغايات سلاسل متصلة يفضي بعضها إلى بعض كأن هناك غاية قصوى يبتغيها الإنسان، أو يتجه إليها بسلوكه، فهل هناك حقيقة غاية قصوى؟ وما هي؟
أما إن هناك غاية قصوى فيثبته تسلسل الغايات، وتوسل الإنسان بالواحدة إلى الأخرى، ولا بد للسلسلة من نهاية؛ فإذا كان السرور غايته القصوى يقف عند الغاية التي تجلب له أعظم سرور، ويكتفي بها كما يكتفي الحيوان الأعجم بالشبع. على أن تحمل الإنسان ألم المشقات في سبيله إلى غاياته يدلك على أن الشعور بالسرور ليس غايته القصوى، وإلا لسعى إلى سروره من أقل السبل إيلاما. إذن لا بد أن يكون للإنسان غاية قصوى أخرى غير السرور يتجه إليها، فما هي؟ (1-2) الجودة غاية الإنسان القصوى
وقد أشرنا إليها فيما سبق إشارات جلية؛ إذ اتضح من سياق البحث أن النوع الإنساني سائر في خطة تميزه على سائر المخلوقات، وهي أن يسبك شخصيته أو ذاتيته الروحية في قالب الجودة، أو بالأحرى في قالب الجمال النفساني، فاختيار الإنسان دائما الأجود والأحسن إنما هو لنزعة فيه إلى الجودة والحسن، أو بعبارة شعرية «إلى الجمال».
وبتمتعه بالجمال يصوغ شخصيته على مثال جميل، فغايته القصوى هي المثل الأعلى من هذه الصياغة الجميلة. إذن سلوك الإنسان - ونعني النوع الإنساني - متجه دائما إلى تحسين الشخصية على هذا النحو، وغايته القصوى الاقتراب ما أمكن إلى الكمال المطلق - الذي هو مرادف للمثل الأعلى - وما الأدبية إلا توجيه السلوك الإنساني في الطريق السديد المؤدي إلى هذه الغاية القصوى. (1-3) الغاية القصوى تستلزم التطور
فالمستفاد مما تقدم إذن، أن الحياة الأدبية حركة نمو أو عملية رقي؛ ولذلك لا بد أن تكون لها سنن تطور، فيحسن بنا إذن أن نبحث فيها من قبيل نظرية التطور. وهو معلوم أن فكرة التطور لم تنضج في العقل البشري إلى أن صارت علما قائما بذاته إلا في القرن الماضي؛ إذ اكتشف العلماء والفلاسفة أن سنة التطور عامة في جميع الخلائق الكونية من أجرام سماوية وجمادات وأحياء وحيوانات وإنسان، وإنما تختلف أشكالها باختلاف المخلوقات التي تتمشى عليها. ولعل الفيلسوف سبنسر أول من عمم سنن التطور على جميع الخلائق وأشكالها، وطبقها على أدب النفس أيضا. (2) سنة المصاقبة (2-1) رأي سبنسر
وفحوى نظريته هكذا: لكل نوع من أنواع الحياة حركات ندعوها سلوكا في كل حركة من حركاتها ما يقال عنه: إنه جيد أو رديء، وفي رأيه أن عملية الحياة قائمة حتى في أشكالها السفلى باستمرار مصاقبة متناسباتها الداخلية إلى متناسباتها الخارجية؛ أي بمواظبة الجسم الحي على المجاهدة في توفيق ذاته مع أحوال بيئته الخارجية. فكل سلوك من قبل الحياة - أو الجسم الحي - متجه إما إلى إتمام هذه المصاقبة، أو إلى عرقلتها ومنعها.
فما دام السلوك متجها في جهة المصاقبة يعد حسنا، وما دام مناقضا لها يعد سيئا. والسلوك الحسن على هذا النحو يحدث سرورا؛ لأنه يجعل الحي «السالك» على وئام مع بيئته، وبالعكس السلوك السيئ يحدث ألما لانعكاس السبب. وكل سلوك تقريبا يكون بعضه حسنا وبعضه سيئا.
Bilinmeyen sayfa