230

Charles Darwin: Hayatı ve Mektupları (Birinci Bölüm): Charles Darwin Tarafından Bir Otobiyografi Bölümü ile

تشارلز داروين: حياته وخطاباته (الجزء الأول): مع فصل سيرة ذاتية بقلم تشارلز داروين

Türler

من المدهش ما يستطيع مبدأ الانتقاء عن طريق الإنسان تحقيقه؛ أي اختيار أفراد متمتعين بصفة مستحبة معينة، واستيلادهم، ثم تطبيق عملية الاختيار هذه عليهم مرة أخرى، بل حتى المربون أنفسهم مندهشون من نتائج ما يقومون به في هذا الإطار؛ فهم يستطيعون إنتاج اختلافات لا تلاحظها العين الجاهلة. ولم يتبع الانتقاء بأسلوب «منهجي» في أوروبا إلا خلال نصف القرن الأخير فحسب. إلا أنه كان يتبع أحيانا، وحتى بأسلوب منهجي إلى حد ما، في عصور موغلة القدم. كذلك لا بد أنه كان ثمة انتقاء غير متعمد منذ أقدم الأزمنة، تحديدا في الاحتفاظ بالحيوانات (دون أي اعتبار لنسلها) الأكثر نفعا لكل جنس من البشر في ظروفه الخاصة. إن «الاجتثاث» وهو الاسم الذي يطلقه أصحاب المشاتل أو العاملون فيها على تدمير الضروب التي تحيد عن نمطها، لهو نوع من الانتقاء. وإنني مقتنع أن الانتقاء المقصود والعرضي كان العامل الرئيسي في تكوين سلالتنا الداجنة. لكن مهما كان تأثير هذا الأمر، فقدرته الكبيرة على التعديل تجلت بلا جدال في العصور الأخيرة. إن الانتقاء يعمل فقط عن طريق تراكم تباينات طفيفة جدا أو كبرى، سببتها ظروف خارجية، أو عن طريق حقيقة عدم تشابه النسل مع الأصل تشابها تاما في أحد الأجيال. والإنسان، بهذه القدرة على تراكم التباينات، يكيف الكائنات الحية وفقا لحاجاته؛ إذ «يمكن القول» بأنه يجعل صوف بعض الخراف مناسبا للأبسطة، وصوفا آخر مناسبا من أجل الملابس، وهكذا. (2)

لنفترض إذن أنه كان ثمة كيان، لم يأخذ بالمظهر الخارجي وحده، وإنما استطاع دراسة التكوين الداخلي كاملا - ولم يكن متقلب الهوى - وظل ينتقي من أجل غاية واحدة خلال ملايين الأجيال، فمن سيقول إنه قد لا يحدث تأثيرا! لدينا في الطبيعة تباينات «طفيفة»، أحيانا في كل النواحي؛ وأعتقد أنه من الممكن إثبات أن التغير في ظروف الوجود هو السبب الرئيسي في عدم تشابه الطفل التام لوالديه؛ وفي الطبيعة، ترينا الجيولوجيا التغيرات التي حصلت، وما زالت تحصل. لدينا زمن لا متناه تقريبا؛ لا يستطيع تقدير هذا حق قدره غير عالم الجيولوجيا العملي، لديك العصر الجليدي مثلا، الذي عاشت خلاله كله أنواع الأصداف نفسها على الأقل؛ لا بد أنه كان ثمة ملايين الملايين من الأجيال خلال هذا العصر. (3)

أعتقد أنه من الممكن إثبات أنه ثمة قوة مؤثرة لا تخطئ، أو «انتقاء طبيعي» (الذي هو عنوان كتابي)، تنتقي لكل كائن حي ما هو لصالحه فقط. كتب دي كوندول ودبليو هربرت ولايل مدافعين بشدة عن الصراع من أجل البقاء؛ لكن رغم ذلك لم تكن كتاباتهم قوية بالقدر الكافي. تذكر أن كل كائن (حتى الفيل) يتكاثر بمعدل معين بحيث لن يظل على سطح الأرض، خلال سنوات قليلة، أو بضعة قرون أو آلاف السنين على الأكثر، أي نسل لأي نوع. لقد وجدت صعوبة باستمرار في تذكر أن الزيادة في كل نوع تتوقف خلال جزء من حياته، أو خلال أحد الأجيال التي عادت للظهور لفترة قصيرة. إن القليل فقط من الكائنات التي تولد سنويا تستطيع العيش حتى تنشر نوعها. يا له من اختلاف بسيط ذلك الذي يحدد عادة أيها سيعيش وأيها سينقرض! (4)

فلتتأمل الآن حال بلد يمر ببعض التغيير؛ هذا سيؤدي لجعل بعض سكناه يتباينون تباينا طفيفا، إلا أنني أعتقد أن أغلب الكائنات تتباين تباينا كافيا طوال الوقت بما يسمح بحدوث الانتقاء؛ فبعض سكانه سيبادون، وتتعرض البقية للتأثير المتبادل لمجموعة مختلفة من السكان، وهو ما أعتقد أنه أهم بالنسبة لحياة كل كائن من مجرد المناخ؛ ونظرا للطرق العديدة للغاية التي يكون على الكائنات استخدامها للحصول على الغذاء بالصراع مع كائنات أخرى، والهروب من الخطر في مراحل مختلفة من حياتها، ونشر بيضها أو بذورها، إلخ، إلخ؛ فلا يمكن أن يساورني الشك أنه خلال ملايين من الأجيال سيلد أحد الأنواع أفرادا ذات تباين طفيف بما ينفع ناحية ما من حياتها؛ هؤلاء سيكون لديهم فرصة أفضل للبقاء، وسينشرون هذا التباين، الذي سيزيد ببطء مرة أخرى عن طريق التأثير التراكمي للانتقاء الطبيعي؛ والضرب الذي تكون بهذه الطريقة إما سيتواجد مع نمطه الأصلي أو سيقضي عليه وهو الأشيع؛ هكذا قد يصير كائن حي، مثل نقار الخشب أو نبات الهدال، متكيفا مع مجموعة من الحوادث العارضة؛ فالانتقاء الطبيعي يراكم تلك التباينات الطفيفة في جميع أجزاء تكوينه، التي تفيده بأي شكل، خلال أي جزء من حياته. (5)

ستطرأ صعوبات متعددة الأشكال لكل شخص فيما يتعلق بهذه النظرية. وأعتقد أن أغلبها يمكن الرد عليه بإجابات وافية. وعبارة «لا قفزات في الطبيعة» تجيب على بعض من أوضح تلك الصعوبات. وبطء التغيير، وحقيقة أن الذي يخضع للتغيير قلة قليلة فقط في أي من الفترات الزمنية يجيب على صعوبات أخرى. كذلك تجيب أوجه القصور البالغة في معرفتنا الجيولوجية على صعوبات أخرى. (6)

يؤدي مبدأ آخر، يمكن تسميته «مبدأ التشعب»، دورا مهما في أصل الأنواع، حسبما أعتقد. ستتوفر سبل أكثر للحياة في منطقة ما إن شغلتها أشكال شديدة التنوع؛ نرى هذا في الأشكال النوعية المتعددة التي تعيش في ياردة مربعة من الأرض المعشوشبة (فقد أحصيت عشرين نوعا ينتمي لثمانية عشر جنسا)، أو في النباتات والحشرات التي تعيش في أي جزيرة صغيرة متسقة، والتي تنتمي لعدة أجناس وفصائل كما تنتمي لعدة أنواع. يمكننا فهم هذا من خلال الحيوانات العليا، التي نفهم عاداتها بنحو أفضل. ونعلم أنه أثبت بالتجارب أن أي قطعة أرض ستنتج محصولا أكبر، إن زرعت بأنواع متعددة من الحشائش، عن أن تزرع بنوعين أو ثلاثة. هكذا، يمكن القول بأن كل كائن حي، بالانتشار بسرعة، يبذل أقصى ما في وسعه لزيادة أعداده. وهكذا سيكون الحال مع نسل أي نوع بعد انقسامه إلى ضروب أو أنواع فرعية أو أنواع حقيقية. ويستتبع هذا، حسبما أعتقد، بناء على الحقائق الآنفة، أن يحاول النسل المتغير لكل نوع الاستحواذ على أماكن متعددة ومتنوعة بقدر المستطاع في المنظومة الاقتصادية للطبيعة (ولا يوفق في ذلك إلا القليل منه). وبوجه عام، سيأخذ كل ضرب أو نوع جديد حين يتكون مكان والده الأقل أهلية ومن ثم، سيقضي عليه. أعتقد أن هذا هو أصل تصنيف أو تنظيم كل الكائنات الحية في جميع الأزمنة؛ فهي دائما «تبدو» كأنها تتشعب لفروع وفروع تابعة مثل شجرة من جذع مشترك؛ حيث تدمر الأغصان المزدهرة الأخرى الأقل حيوية - وتمثل الفروع الميتة والمفقودة الضروب والفصائل المنقرضة.

هذا الملخص غير كامل «على الإطلاق»، لكنني لا أستطيع أن أجعله أفضل من ذلك في تلك المساحة القصيرة جدا. ولا بد لعقلك أن يملأ فراغات واسعة عديدة. دون بعض التدبر، سيبدو كل هذا محض هراء؛ بل ربما يبدو هكذا بعد التدبر.

سي دي

ملحوظة:

هذا الملخص الصغير يتطرق بإيجاز فقط للقوة التراكمية للانتقاء الطبيعي، وهي التي أراها حتى الآن أهم عامل في إنتاج أشكال جديدة. أما القوانين التي تحكم التباين الأولي أو البدائي (وهو موضوع غير مهم إلا بصفته الأساس الذي يؤثر فيه الانتقاء؛ ومن ثم يكون في هذا الصدد شديد الأهمية)، فسوف أناقشها في موضوعات متعددة، بيد أنني قد لا أبلغ حيالها سوى استنتاجات غاية في الاجتزاء والقصور، كما قد تعتقد. [قرئ البحث المشترك للسيد والاس وأبي أمام الجمعية اللينية في مساء الأول من يوليو. وكان السير تشارلز لايل والسير جيه دي هوكر موجودين، وكلاهما، على ما أظن، أدليا ببعض الملحوظات، في المقام الأول بهدف التأكيد لأولئك الحاضرين على ضرورة إعارة أقصى اهتمامهم لما سمعوه. إلا أنه لم يحدث أي نقاش. وقد كتب لي السير جوزيف هوكر قائلا: «الاهتمام كان شديدا، لكن الموضوع كان جديدا جدا وخطيرا جدا بحيث لا يمكن لأنصار الفكر القديم الدخول في غمار جدال بشأنه قبل التسلح له. وبعد الاجتماع نوقش الموضوع بقلق شديد؛ حيث ألقى التأييد من جانب لايل، وربما من جانبي بدرجة صغيرة، بصفتي معاونا له في المسألة، الرهبة في نفوس الزملاء، الذين لولا ذلك كانوا سيهاجمون النظرية بقسوة. كذلك كان لدينا الأفضلية المتمثلة في معرفتنا بالكاتبين وفكرتهما».]

Bilinmeyen sayfa