حكم ، ويتقيد بكل رسم ، ويدرك بكل مشعر ، من بصر وسمع وعقل وفهم ؛ وذلك لسريانه في كل شيء بنوره الذاتي المقدس عن التجزىء ، والانقسام ، والحلول في الأرواح والأجسام ، ولكن كل ذلك متى أحب ، وكيف شاء ، وهو في كل وقت وحال قابل لهذين الحكمين المذكورين المضادين بذاته ، لا بأمر زائد عليه ، إذا شاء ظهر بكل صورة ، وإن لم يشأ لا تنضاف إليه صورة ، لا يقدح تعينه وتشخصه واتصافه بصفاتها في كمال وجوده وعزته وقدسه ، ولا ينافي ظهوره بها ، وإظهار تقيده بها ، وبأحكامها غناه بذاته عن جميع ما وصف بالوجود ، وإطلاقه عن كل القيود ، بل هو الجامع بين متماثلاتها ومتخالفاتها جميعا ، فتأتلف وتختلف.
* وصل
قد ظهر من هذه البيانات أن الماهيات كلها وجودات خاصة في الواقع ، عينا وذهنا ، وإن كان المفهوم من الماهية غير المفهوم من الوجود في اعتبار العقل ، فهما متحدان اتحاد الأمر العيني مع المفهوم الاعتباري ، ولكل منهما تقدم على الآخر ، لا بمعنى التأثير ؛ إذ لا معنى لتأثير الماهية في الوجود ، وإلا لزم أن تكون قبل الوجود موجودة. ولا لتأثير الوجود في الماهية ؛ لأنها ليست مجعولة ولا موجودة في نفسها لنفسها ، بل تقدم الوجود عليها عبارة عن أصالته في التحقق ، ومتبوعيته لها ، وتقدمها على الوجود عبارة عن صحة ملاحظة العقل إياها وحدها ، من غير ملاحظة الوجود ، لا الخارجي ولا الذهني ، وبهذا الاعتبار يصير الوجود نعتا لها ، ويحكم عليه بأنه زائد عليها ، وإلا فالحقيقة العينية ليست إلا للوجود.
Sayfa 69