قلت: وقد تحققت جنونه «تعال الآن واصرف الليلة في منزلي؟».
فرفع رأسه وقال: «لو عرفت من أنا لما دعوتني؟».
فقلت: «ومن أنت؟».
قال وفي صوته هدير مياه غزيرة: «أنا الثورة التي تقيم ما أقعدته الأمم، أنا العاصفة التي تقتلع الأنصاب التي أنبتتها الأجيال، أنا الذي جاء ليلقي في الأرض سيفا لا سلاما».
ووقف منتصبا، وتعالت قامته، وسطع وجهه، وبسط ذراعيه، فظهر أثر المسامير في كفيه: فارتميت راكعا أمامه، وصرخت قائلا: «يا يسوع الناصري ...».
وسمعته يقول إذ ذاك: «العالم يعيد لاسمي، وللتقاليد التي حاكتها الأيام حول اسمي، أما أنا فغريب أطوف تائها في مغارب الأرض، ومشارقها، وليس بين الشعوب من يعرف حقيقتي».
للثعالب أوجرة، ولطيور السماء أوكار، وليس لابن الإنسان أن يسند رأسه.
ورفعت رأسي إذ ذاك، ونظرت، فلم أر أمامي سوى عمود من البخور، ولم أسمع سوى صوت الليل آتيا من أعماق الأبدية.
الجبابرة
ليس من يكتب بالحبر، كمن يكتب بدم القلب، وليس السكوت الذي يحدثه الملل، كالسكوت الذي يوجده الألم.
Bilinmeyen sayfa