الركاكة التي تدب في عظامنا، فنتعثر، ثم نسقط، هي كذلك اللسان الذي نحمله، ولا يحملنا عند بغيتنا لبصق الكلمة في وجه الظالم والغاشم، إذ تخلقنا في أرحام الأمهات قبل أن نخرج منها، مهشمي الروح، مطأطئي الرأس؛ لكون السلطة الأبوية أفزعتها حين كنا في أعماقها ساكنين، ولا عتب على أي من الأبوين؛ فقد استشربوا القمع قبلنا، وكانوا كالجدار لا أذن له ولا لسان، ثم توارثنا تلكم الضآلة كابرا عن كابر.
أما هؤلاء البشر، الذين لا نشبههم ولا يشبهوننا، فكأنما خلقوا بشكل آخر لا يمت لنا بصلة، صغيرهم وكبيرهم، أحرار، لا يعانون من فقدان الثقة ولا من رهبة المعتقل، ولا من استلاب الرزق؛ لأن لهم صرحا ممردا بالديمقراطية، وتربية موردة بالحرية.
فنرى العرابدة في شوارعهم إذا ما تحدثوا وجدنا الثقة تتطاير من بين جوانحهم، كأنها بساط، على أن ذلك السكير أو العربيد ليس له من الوعي الثقافي ما عند ذلك العربي، الذي يثغثغ ويحسب الحروف بالمسطرة خشية من الساطور.
163
إن الذين يجدون في الموت بهجة وسرورا، لا مصيبة كما وصفه الله في كتابه، أولئك حياتهم مصيبة، وموتهم بهجة وسرور.
164
أما بعد:
فبقدر ما يكون الطائر، يكون فيه الدم، وبقدر ما تصمت الشفاه، تثرثر الأصابع.
وفي الختام:
إن الإرهاب لا يولد، إنما يصير كذلك، وإن يد الفأس من تلكم الشجرة، ولكن هذا العالم، كالمحيط بلا ذاكرة، وكالتيس الذي أجر عقله لقرنيه.
Bilinmeyen sayfa