Cevherler ve Marifetler

Ebu Hafs Sühreverdî d. 632 AH
176

============================================================

18 من الغفلة عن الله تعالى؛ وذلك أن الله تعالى أمر بقبض القبضة من التراب من وجه الأرض فكانت القبضة جلدة الأرض، والجلدة ظاهرة بشرة وباطنها أدمه، قال الله تعالى انى خالق بشرا من طين(1) فالبشرة والبشر عبارة عن: ظاهره وصورته، والأدمة عبارة عن: باطته وآدميته ، والأدمية مجمع الأخلاق الحميدة وكان التراب موطي أقدام إيليس، ومن ذلك اكتسب ظلمة، وصارت تلك الظلمة معجونة فى طبنة الأدمى، ومنها الصفات المذمومة والأخلاق الرديئة، ومنها الغفلة، والسهو فإذا استعمل الماء وقرأ القرآن أتى بالمطهرين جميعا، ويذهب عنه رجز الشيطان وأتد وطأته، ويحكم له بالعلم والخروج من حيز الجهل.

فاستعمال الطهور آمر شرعى له تأثير فى تتوير القلب بازاء النوم الذى هو الحكم الطبيعى الذى له تأثين فى تكدير القلب، فيذهب نور هذا بظلمة ذلك.

ولهذا رأى بعض العلماء الوضوء مما مست النار وحكم أبو حنيقة - رحمه الله بالوضوء من القهقهة في الصلاة؛ حيث رآها حكما طبيعيا جالبا للائم والإثم رجز من الشيطان، والماء يذهب رجز الشيطان، حتى كان بعضهم يتوشأ من الغيبة والكذب، وعند الغضب لظهور النفس وتصرفات الشيطان فى هذه المواطن.

ولو أن المتحفظ المراعى المراقب المحاسب كلما انطلقت النفس فى مباح من كلام، أو مساكنة إلى مخالطة الناس، أو غير ذلك مما هو بعرضة تحليل عقد العزيمة كالخوض فيما لا يعنى قولا وفعلا عقب ذلك بتجديد الوضوء، لثبت القلب على طهارته وتزاهته، ولكان الوضوء لصفاء البصيرة بمثابة الجفن الذى لا يزال بخفة حركته يجلو البصر وما يعقلها الا العاليون(2) فتقكر فيما نبهتك عليه تجد بركته وأثره.

ولو اغتسل عند هذه المتجددات والعوارض والانتباه من النوم لكان أزيد فى تتوير قلبه، ولكان الأجدر أن العبد يغتسل لكل فريضة باذلا مجهوده فى الاستعداد لناجاة الله، ويجدد غسل الباطن بصدق الإنابة، وقد قال الله تعالى: ل(منييين إليه واثقوه وأقيموا (1) آية رقم 71 من سورة ص.

(2) آية رقم 43 من سورة العتكيوت

Sayfa 176