225

ويحدثنا عن الفتنة التي كانت بمصر بقوله: قال لي يونس بن عبد الأعلى: قدم علينا من قبل المشرق فتى حدث، يعني عبد الله بن طاهر، والدنيا عندنا مفتونة قد غلب على كل ناحية من بلادنا غالب، والناس منهم في بلاء، فأصلح الدنيا وأمن البريء وأخاف السقيم واستوثقت له الرعية بالطاعة.

أما ما كان من أمر عبد الله بن طاهر في مصر، فإن التاريخ يحدثنا أنه لما انتهى أمر نصر بن شبث، كما قدمنا، كتب المأمون إلى عبد الله يأمره بالتوجه إلى مصر لإخماد ما فيها من فتنة، فذهب إليها وجاد الثائرين القتال حتى اضطرهم جميعا إلى طلب الأمان فأجابهم إليه.

وأما الأندلسيون الذين حضرت جماعة كبيرة منهم إلى الإسكندرية فقد طلبوا الأمان على أن يرتحلوا عنها إلى بعض أطراف الروم، فرحلوا إلى جزيرة إقريطش «كريت» فاستوطنوها وأقاموا بها.

وأما ما كان من ابن السري فإنه طلب الأمان إلى عبد الله، وذلك بعد قتال عنيف وانهزامه شر هزيمة .

ولما أخمدت الفتنة في مصر وبلغ المأمون الخبر كتب إلى عبد الله يهنئه، وجعل في أسفل كتابه أبياتا من الشعر إن ثبت صدورها من المأمون حقا ولم تكن من وضع القصاص والرواة، فإنها تعتبر آية في كرم أخلاق المأمون. وقد ذكرناها في علاقة المأمون مع عماله.

وقد كتب إليه أحمد بن يوسف وزير المأمون يهنئه بهذا الفوز كتابا بليغ اللفظ رشيق الأسلوب هذه نسخته:

بلغني، أعز الله الأمير، ما فتح الله عليك وخروج ابن السري إليك، فالحمد لله الناصر لدينه، المعز لدولة خليفته على عباده، المذل لمن عند

9

عنه وعن حقه، ورغب عن طاعته، ونسأل الله أن يظاهر له النعم، ويفتح له بلدان الشرك، والحمد لله على ما وليك مذ ظعنت لوجهك، فإنا ومن قبلنا نتذاكر سيرتك في حربك وسلمك، ونكثر التعجب لما وفقت له من الشدة والليان في مواضعهما، ولا نعلم سائس جند ورعية عدل بينهم عدلك، ولا عفا بعد القدرة عمن آسفه

10

Bilinmeyen sayfa