Saf Bal
العسل المصفى من تهذيب زين الفتى في شرح سورة هل أتى - الجزء1
Türler
مذكورا، لما ركب الله سبحانه فيه من الاستحقاقات الذاتية، فكذلك لم يكن يدرى بالمرتضى (رضوان الله عليه) تأخره [عن منصبه بصنيع الظالمين] إلى وقت قيامه بالأمر، لما [كان الله] ركب فيه من الخصال السنية والأخلاق الرضية، ولذلك ابتدأ الله سبحانه هذه السورة بذكر آدم (عليه السلام) قبل ذكره وذكر أولاده وذكر الإيفاء وذكر الإطعام والصبر والخوف من يوم القيام، ثم قال: إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج فذكر أولاد آدم (عليه السلام) بعد ذكر أبيهم ووصف خلقهم وخلق بني بنيهم وبين أخلاقهم في طبائعهم وصنائعهم وأحوالهم فلا يكون الأولاد على نسق واحد أصلا بل يختلفون قولا وفعلا.
وكذلك لا يكون أولاد المرتضى (رضوان الله عليهم) كلهم على سنن الصدق والصفاء، ثم لا يسقطهم ذلك عن شرف الأمهات والآباء كبني آدم (عليه السلام) وأبيهم فإن الاختلاف من عناصرهم ومبانيهم ولذلك قال: ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين [113/ الصافات: 37].
ثم قال: فجعلناه سميعا بصيرا أي أن الذي جعل من النطفة نسما ذا روح يسمع ويبصر، كيف لا يقدر على أن يعيد الميت حيا يبعث وينشر.
إنا هديناه السبيل أي بينا له طريق الاستدلال على قدرة الصانع بأن/ 121/ آتيناه السمع والبصر، لأن الدلائل على وجهين: منها ما يتعلق على حاسة السمع، ومنها ما يتعلق بحاسة البصر، فجمعنا لهم من وجوه ما يمكنهم الاستدلال، فلا يبقى لهم بعده المقال، فيبتليهم كيف يصنعون بالسبيل؟ والاستدلال بالذكر، فيبتليه بحاسة السمع ما ذا يفعل بها، إذا أبصر الدلائل والآيات، فإن استدل بها على وجود الصانع ووحدته، وعلى إثبات علمه وقدرته، فاز بالجنة ونعيمها، وإن أعرض عنه استعلاء بالشهوات واللذات بقي في النار وأليمها ...
إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالا وسعيرا يعني الذين أبوا عن السجود لادم (عليه السلام) فاستكبروا فاستوجبوا اللعن والعقوبة بما أصروا فإنهم ظلموا الله سبحانه وجهلوه تعالى حين قدم الردي وأخر السني العلي/ 122/ ولذلك قال إبليس اللعين: أنا خير منه .
Sayfa 104