ولم ينقض ذلك اليوم حتى شاع حديث جهان في القصر ولم تبق واحدة من النساء إلا أعجبت بها. وأصبحن ينظرن إليها نظر الصغير إلى الكبير أو نظر الجاهل إلى العاقل، ولا سيما صديقتها هيلانة فإنها حينما علمت بخروج بابك من القصر هرولت إلى جهان وأخذت تسألها عما جرى وجهان تتواضع في التفسير وتتلمس الأعذار لبابك على جرأته. فلم يكن ذلك إلا ليزيد هيلانة احتراما لها وتقديرا.
وهكذا أصبحت جهان حديث أهل البذ ومضرب أمثالهم. وهي لا تعبأ بشيء من ذلك، وكل همها ضرغام وإبلاغ خبرها إليه، ولم تعد ترى سامان.
مكثت حينا في انتظار رجوع الجاسوس وكانت قد بادلت هيلانة ودا بود. فقصت عليها متاعبها، فشاركتها هذه آلامها وأصبحت شديدة الاهتمام بأمرها. ولم تكن أقل شوقا لرجوع الجاسوس من جهان نفسها. وعاد الجاسوس واتفق يوم رجوعه أن كانت جهان عند هيلانة في غرفتها وخادمتها قائمة على الخدمة وخيزران غائبة. فلاحظت جهان في وجه الخادمة تغيرا فقالت لهيلانة: «اسأليها ماذا قال لها خطيبها؟»
فدهشت هيلانة لتلك المفاجأة وقالت: «وهل تظنينه جاء؟»
قالت: «نعم جاء، ويظهر أنه لم يأتنا بخبر مفرح.»
فاستغربت تكهنها وأشارت إلى خادمتها فأتت فقالت لها: «هل عاد صاحبنا من سامرا؟ ومتى؟»
قالت: «نعم يا سيدتي، أتى منذ ساعتين.»
فقالت: «ولماذا لم تخبرينا؟»
وكانت جهان تسمع ذلك. فاضطربت فصعد الدم إلى وجنتيها وقالت: «ماذا قص عليك؟»
قالت: «قال لي إنه سأل عن الرجل الذي طلبت منه البحث عنه في سامرا كلها فلم يقف له على خبر.»
Bilinmeyen sayfa