بعد عدة شهور من الصمت، كان صوتها ناعما مجروحا في حلقها. هزت السيدة داماكان رأسها، منتظرة أن تكمل إلينورا حديثها.
همست قائلة: «لست أدري ماذا أقول.»
تركت السيدة داماكان يدها تنزلق على ذراع إلينورا وضغطت عليها برفق: «كيف يمكنك أن تعلمي الإجابة قبل أن تسمعي السؤال؟ ثقي بنفسك، فأنت تعلمين أكثر مما تظنين.»
انحنت الخادمة العجوز للأمام وقبلت إلينورا على جبهتها، ثم استدارت وخرجت تتهادى من الغرفة.
الفصل التاسع عشر
وقفت العربة الملكية المزينة بالمطاط الذهبي والأسود على حافة الماء، ولمعت أبوابها وسقفها وتروسها السفلية باللون الأرجواني البراق الذي يشبه ثمرة باذنجان غير ناضجة. رفعت إلينورا ثوبها عن الحصى وهي تسير خلف الرسول عبر الطريق الخاص، وكانت قد ارتدت ثوبا حريريا باللون الأزرق الفاتح، وحذاء من الجلد الأسود اللامع، وزينت شعرها بباقة صغيرة من الزهور. انقضى ذلك الصباح بأكمله في الاستعداد، سواء الاستحمام أو اختيار الحلي والجلوس بينما تضع السيدة داماكان الدبابيس في شعرها. لم تدرك حقيقة الموقف إلا الآن؛ هي - إلينورا كوهين - ذاهبة إلى القصر لمقابلة السلطان، وإذا كان ثمة مجال للتراجع من قبل فقد انتهى الآن.
في منتصف الطريق الأمامي، استطاعت إلينورا أن ترى جلود الجياد وهي تتلألأ بلمعة حجر الغليون وأعينها كالرخام الأسود الحزين. وبينما اقتربت من تلك الخيول الضخمة، تصلبت وقفتها ورفع كل منها قائمته الأمامية اليسرى كالجندي الذي يشهر سلاحه على سبيل التحية. هزت رأسها تعبيرا عن شكرها لذلك التقدير، وتوهج منخار الجواد الأمامي علامة على أن بقية الفريق يمكنه الاستراحة. فتح لها الحوذي الباب، ودخلت إلى العربة. وبينما كانت تقوم بذلك صاح نورس على سقف منزل البك وانطلق مرفرفا بجناحيه عبر البوسفور ومنقاره الأصفر البرتقالي يشير نحو القصر.
كانت العربة من الداخل مبطنة بالمخمل الأرجواني الداكن، ومجهزة بأثاث من العاج وغرزة ذهبية حول حافة الجدار. سوت إلينورا ثوبها من الخلف وجلست مقابلة للرسول ووجهها للخلف. وبينما كانت الجياد تخطو بمحاذاة الشاطئ، راقبت منزل البك وهو يختفي عن الأنظار تدريجيا ويصغر حجمه أكثر فأكثر في النافذة الخلفية حتى اختفى خلف أحد منحنيات الطريق. نظرت إلى حذائها والجلد الأسود اللامع الذي يضغط على أصابع قدميها، وأخذت نفسا عميقا كي تهدئ نفسها. «لقد حظيت بشرف عظيم.»
نظرت إلينورا إلى الرسول. كان أنفه محاطا بإطار بين عينيه الغائرتين في محجريهما، ولديه شامة ضخمة فوق فتحة أنفه اليسرى. ظنت في بادئ الأمر أنه الشخص نفسه الذي استدعاها بالأمس، ولكنها لم تكن متأكدة. وعلى أي حالة فهو يتوقع إجابة.
قالت: «نعم، لقد حظيت بشرف عظيم.» كانت تتحدث بهدوء، فهي ما زالت تعتاد على الشعور بالاهتزاز في أحبالها الصوتية. «إنه لشرف عظيم أن تحظي بمقابلة السلطان.» «نعم، أتشرف بذلك.»
Bilinmeyen sayfa