50

قال الواسطي : كلمتهم حيث أنزلت عليهم خطابي فلم يفهموا ، وأي آية أشرف من محمد صلى الله عليه وسلم ، وقد أظهر لهم ذلك قوله : ( وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات ): «الكلمات» : ما خاطبه الله تعالى مع روحه في سرادق الأزل بنعت السرور ، فتهيج بها سره حتى التهب بنار محبته ، فيطلب حبيبه بعد بلوغه إلى الكون بصرف الصفات ، فابتلاه الله تعالى بمقام الالتباس ، حيث قال : ( وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض ) [الأنعام : 75].

( إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ولا تسئل عن أصحاب الجحيم (119) ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير (120) الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون (121) يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين (122) واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصرون (123) وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين (124))

( إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين ) [الأنعام : 79].

( فأتمهن ) بتجرده عن اللباس برؤية الصرف ، كما قال : ( إني وجهت وجهي )، وأيضا ابتلاه بشغل النبوة ، بعد ما أسكره برحيق الخلة.

وقال بعضهم : أشد ما ابتلى الله به إبراهيم ، أن حمله أثقال الخلة ، ثم طالبه بتصحيح شرائطها ، وتصحيح شرائط خلة التجلي مما سراه ظاهرا أو باطنا ، ( قال إني جاعلك للناس إماما ). وأيضا إني جاعلك في الخلق إماما في مقام التمكين ؛ لأنه صار بالنبوة متمكنا ، بعد أن كان في الخلة متلونا. وأيضا ( قال إني جاعلك للناس إماما ) في المقامات ؛ لأني صاحبهم في الحالات بيني.

وقيل : إني جاعلك سفيرا بيني وبين الخلق ؛ لتهذيبهم ؛ لاستصلاح الحضرة ، وهذه هي الإمامة.

وقال أبو عثمان : «الإمام» : هو الذي يباشر على الظاهر ، ولا يؤثر ذلك فيما بينه وبين

Sayfa 60