236

Carais Bayan

عرائس البيان في حقائق القرآن

Türler

( واليتامى ) أهل فرقة الله الذين وقعوا في الفترة وآفة الشهوة ، واحتجبوا بها عن المشاهدة ، فإحسانهم ترغيبهم إلى طاعة مولاهم ، وتشويقهم إلى مشاهدة سيدهم مع التلطف والظرافة في دعائهم الله ، ومن مات أستاذه قبل بلوغه إلى درجة القوم فهو يتيم المعرفة ، والإحسان إليه تربيته بآداب القوم ؛ لئلا ينقطع عن الطريق.

قوله تعالى : ( والمساكين ) أراد به السالكين غير المكذوبين ؛ فإن المساكين سلكوا طريق المقامات بالمجاهدات ، وإحسانهم كشف أسرار المشاهدات عندهم لتقع آثار المحبة في قلوبهم ، فيسكنوا عن المجاهدات الظاهرة ، ويطلبوا الحق بالقلوب الحاضرة والأسرار الظاهرة ؛ ليصلوا بطرفة عين إلى مقام لا يصلون إليه بألف سنة بالمجاهدة والرياضة.

وأيضا : المساكين الذين وقفوا على باب العظمة ، وتاهوا في أودية الصفة ، وتحيروا في بيداء القدم ، ولم يجدوا سبيلا إلى مرادهم الكلي لظهور النكرة في المعرفة ، والمعرفة في النكرة ، فأمر الله سبحانه أن يواسيهم بما يفرج عنهم أثقال العظمة بروح القلوب ، وذلك المجالسة بالسماع مع صوت طيب ورائحة طيبة بين كرام المعارف وأشراف الكواشف ؛ ليستأنسوا بسماع ساعة كي لا يحترقوا بنيران الكبرياء.

قال عليه السلام : «روحوا قلوبكم ساعة فساعة» (1).

أمرهم بالنشاط بالله على الله ؛ لعلمه باحتراق أهل الإجلال والعظمة ؛ فأشفق عليهم ، وأمرهم بالتوسع ، وفتح عليهم باب الرخص زيادة تشوقهم ومحبتهم جماله تعالى.

قوله تعالى : ( والجار ذي القربى ) أي : أحسنوا إلى من كان مقامه موافقا لمقاماتكم ؛ لأنه في طريق المعرفة جار قربة الله ، وهو قرابتكم في محبة الله.

وأيضا : ( والجار ذي القربى ) هو الروح الناطقة العارفة العاشقة الملكوتية ، التي خرجت من العدم بتجلي القدم ، وانقدحت من زنود الأزل ، وهي أقرب كل شيء منك ، وهي جار الله ، وهي مصبوغة بصبغ الله ، وهي في يمين الله ، قال عليه السلام : «الأرواح في يمين الله» (2)، ومعذبها من قلبك منظر نور التجلي ، ومسكن نور سنا التدلي ، وإحسانها أن تطيرها بجناح المعرفة والشوق والمحبة إلى عالم المشاهدة ، بعد أن تطلقها من قيد الطبيعة ، وتقدس سكنها من حظوظ البشرية ، وهي أقرب القرابة منك ؛ لأنها أصل قيامك ، وأنت قائم بها.

( والجار الجنب ) هو المريد المبتدئ ، فإحسانك إليه أن ترغبه إلى سلوك مدارج

Sayfa 246