Bu Zamanın Arapları: Sahipsiz Vatan
عرب هذا الزمان: وطن بلا صاحب
Türler
مهتدون (الزخرف: 22)، وعلى هذا الأساس لم يعتبر الأصوليون القدماء التقليد مصدرا من مصادر العلم مثل الحس والعقل والخبر الصحيح، وثار المصلحون الدينيون المعاصرون كالشوكاني والأفغاني ومحمد عبده، أو الليبراليون مثل الطهطاوي، على التقليد، وجعلوه أحد أسباب التخلف الاجتماعي والانحطاط الحضاري.
اتباع التقاليد هو اتباع القدماء بالرغم من القول المأثور الذي يعزى إلى أفلاطون، كما ينسب إلى الرسول
صلى الله عليه وسلم : «لا تؤدبوا أولادكم بآدابكم؛ فقد خلقوا لغير زمانكم.» القدماء هم الأوائل، عاشوا في الماضي، وتغير الزمن، ولكل زمن عاداته وتقاليده وأعرافه.
كثيرا ما كتب علماء الاجتماع والأنثروبولوجيا عن تطور العادات الاجتماعية، وتغير التقاليد. هي تعبير عن سلوك الناس في كل وقت، والزمان متغير، والتقاليد تتغير بتغيره. التقليد اشتقاقا يعني الاتباع، في حين أن التجديد يعني الإبداع. ويتهم أنصار التقليد أنصار التجديد بالابتداع، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار؛ فيؤثر الناس السلامة والاتباع عن غير اقتناع.
ويتبع الناس العرف، وهي العادات الشعبية السائدة، وتسود الأعراف الطبقات الشعبية مثل طهارة الإناث، وما تسببه من قهر نفسي للأنثى منذ الطفولة حتى البلوغ. ويتبع الناس العادات الاستهلاكية في الأعياد، مثل مأكولات رمضان ومشروباته وكعك العيد، بما لا تطيقه ميزانية الأسر، وضرورات التباهي والتفاخر بين الناس. وقد يؤدي ذلك إلى جرائم بين الرجل وزوجته. وهي عادات وأعراف من وضع المجتمع وتطوره عبر التاريخ لتوظيفها اجتماعيا لخلق دين شعبي مواز للدين الشرعي، يلهي الناس ويبعدهم عن ظلم الحكام.
وتحول التيارات المحافظة في المجتمع هذه العادات والأعراف إلى ثوابت، مع أنها متغيرة بتغير المجتمع. ومنها عادات ترجع إلى عصر الصحابة والفتنة الأولى مثل التلاعن، وأقوال مأثورة مثل: «إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.» وأدبيات طاعة الحكام وعدم الخروج عليهم، وإلا كان الجزاء القتل. الثوابت هي القيم الإنسانية العامة التي لا تتغير بتغير الزمان، مثل حقوق الإنسان، واحترام النفس، والعدالة الاجتماعية، والمساواة بين البشر في الحقوق والواجبات، والحريات العامة، والشورى، والمصالح العامة. وهي المقاصد العامة التي تقوم عليها الشريعة؛ الحفاظ على الحياة والعقل والدين والعرض والمال. الحياة هي الحاجات الأساسية للناس من طعام وشراب ولباس وسكن وتعليم وعلاج، والعقل هو حق الإنسان الطبيعي في المعرفة والفكر والنظر، والدين هو الثوابت العامة التي يجتمع عليها الفقهاء، والعرض هو الكرامة الشخصية والوطنية، والمال هو الثروة الفردية والثروة العامة.
وقد وضعت بعض المجتمعات التقليدية عدة قوانين للضبط الاجتماعي لمنع تحركه، مثل قانون العيب، وقانون الاشتباه؛ وقوانين حماية المجتمع والأمن والاستقرار السياسي، مثل قوانين الطوارئ ومكافحة الإرهاب، مهمتها إرهاب الناس وتخويفهم، ومنعهم من السلوك الطبيعي التلقائي القائم على الثقة بالنفس واحترام الآخرين، ثم تحولت هذه القوانين إلى عادات وتعبيرات، مثل: «عيب عليك»، «يا عيب الشوم»، «حشومة»، «اختشي»، «يا نهار أسود»، «يا دهوتي»، «يا مصيبتي». وأصبح كل خروج على هذه القوانين انحرافا وشذوذا.
ولما كان المجتمع يتقدم بصرف النظر عن أساليب الضبط الاجتماعي، تنقسم الحياة إلى ظاهر يتبع التقاليد والأعراف والعادات، وباطن يتبع تطور الحياة وتغير قواعد السلوك الاجتماعي، فتنشأ مظاهر النفاق والرياء والتظاهر والكذب. قول باللسان لا يقتنع به القلب، وسلوك في الظاهر لا ينم عن إيمان بالباطن. وتصبح الحياة كلها حجابا في الظاهر، وسفورا في الباطن. كما تنشأ ظواهر الكبت وأمراض القهر النفسي وقمع الرغبات، ويعيش الإنسان بشخصيتين، ويقابل المجتمع بوجهين؛ وجه يرضاه المجتمع، ووجه آخر يرضاه الفرد، لا يجرؤ على التعبير عنه صراحة. ويكون له سلوكان:
سلوك اجتماعي علني، وسلوك آخر فردي سري. الأول كاذب، والثاني صادق. فإذا ما تجرأ أحد على الإعلان والتمسك بالوجه الواحد والسلوك الواحد والشخصية الواحدة تم إقصاؤه واستبعاده واتهامه بالردة والكفر، وكان جزاؤه القتل الصريح. ويؤثر البعض السلامة والرضا بالسلوك الاجتماعي، وينغمس في الدنيا ينهل منها بالحلال، والأرزاق مقدرة مسبقا.
ومع ذلك ظهرت نماذج ثائرة على هذا القهر الاجتماعي في التاريخ، في كل عصر، وفي كل ثقافة، ولدى كل شعب. ثار سقراط على تعدد الآلهة عند الأثينيين، فاتهم بإفساد الشباب، وحكم عليه بالموت سما، ورفض الهرب درءا للظلم، وهو رذيلة، طاعة لقوانين البلاد، وهي فضيلة. وثار ديكارت على عادات العصر الوسيط في التفكير والتعلم. وثار اسبينوزا على العقائد اليهودية، مثل شعب الله المختار وأرض المعاد. وحرق جيوردانو برونو حيا في روما لأنه قال بعقيدة مخالفة للفلك السائد ولتصور الإنسان. وثار مارتن لوثر على الكنيسة رافضا توسطها بين الإنسان والله، واحتكارها لتفسير الكتاب المقدس، وتبعيتها لسلطة الآباء الأولين. قدم المفكرون الأحرار الذين رفضوا عادات وتقاليد وأعراف القدماء أمام محاكم التفتيش في أواخر العصر الوسيط الأوروبي، وكان جزاؤهم القتل أو الحرق أو التعذيب أو النفي أو السجن.
Bilinmeyen sayfa