88

Aklım ve Aklın

عقلي وعقلك

Türler

كي نصل إلى التفكير الناجع في تصرفنا يجب أن نتجنب: (1)

تفكير العاطفة، وقد سبق أن قلنا: إن تسعين في المائة - بل أكثر - من أخطاء التفكير تعود إلى سيطرة العاطفة، ونحن - لأننا نرغب في إشباع هذه العاطفة - نسوغ هذا التفكير بضروب من المكر والاحتيال، حتى نقتنع بأننا وجدانيون ولسنا عاطفيين، كما يحدث كثيرا عندما نؤجل عملا يتطلب السرعة في الإنجاز، ولكن نسوغ هذا التأجيل بألوان مختلفة من المنطق، أو كما يحدث للشريب عندما يعزم على الكف عن الخمر ثم يؤجل هذا العزم بقوله: «هذا اليوم فقط» وتجديده في الغد. (2)

كذلك يجب أن نفطن إلى ميول وأهواء قد أحدثتها الكامنة (العقل الكامن)، وهي جميعها مقنعة بالوجدان، تبدو كأنها منطقية ليس فيها ما يشوبها، كما يحدث عندما نكره أو نحب لأسباب يشق علينا توضيحها، ولكنها تعود إلى ما انغرس في نفوسنا أيام الطفولة، كالخوف من العفاريت يحملنا على الاعتقاد بأن الأرواح حقيقة واقعة، حتى لنستطيع أن نخاطبها. أو - لأننا نحب أمهاتنا أيام الرضاع وبعده - ننشأ ونحن لا نستجمل سوى تلك الفتاة التي تشبه أمنا في الوجه أو القوام أو الصوت، ويؤدي هذا إلى أن نتجاهل جميع عيوبها، وكثير من التعصب الطائفي يعود إلى مكاره غرست فينا أيام طفولتنا، أو حدثت فيها حوادث كظم فيها غيظنا أو خوفنا ثم اصطنع تعصبا أفسد وجداننا وتفكيرنا الموضوعي. (3)

كذلك يجب، حين أعالج موضوعا أو أعامل شخصا، أن أنظر هل أنا معتمد على العقيدة (عاطفة) أم على المعرفة، وكثير من الناس يفسد تفكيرهم؛ لأنهم يعتمدون على عقائد ليس لها أقل أصل من الحقائق، ويسوء تصرفهم لهذا السبب، وكثير من الأمهات في مصر يقضون على أطفالهم بالمرض أو الموت؛ لأنهم يختارون الدواء عن عقيدة وليس عن معرفة. (4)

كذلك يجب ألا ننسى أن اتجاه الانطوائي يختلف عن اتجاه الانبساطي؛ فإذا كان أحدنا انطوائيا وتزوج فتاة انبساطية فإن الأغلب أنه سيختلف معها كثيرا؛ لأنها اجتماعية وهو انفرادي، وقس على هذا اختلافه حتى مع أصدقائه وأولاده، وإذا تجاهلنا هذه الميول بين المزاجين فإننا نتورط في مغاضبات يسوء بها تصرفنا وقد تؤدي إلى شقائنا. (5)

وكثير من كلمات اللغة تحدث لنا التباسا في التفكير واتجاها سيئا أيضا؛ فإن هناك كلمات ذاتية؛ أي: عاطفية تحملنا على التفكير العاطفي، وهناك كلمات كاذبة كقولنا: «سن اليأس»، للمرأة التي تبلغ سن الحكمة، وإيناع الشخصية حوالي 48 أو 50؛ فإن هذا التعبير السيئ يملأ نفسها تشاؤما ويهيئها لأمراض أو تصرفات خطيرة، أو انظر إلى عبارة «الحكم العرفي» فإنها وصف حسن للحكم السيئ؛ إذ هو ليس عرفيا؛ لأن المعجم يقول: «العرف: هو ما استقر في النفوس من جهة شهادات العقول وتلقته الطباع السليمة بالقبول» فأين هذا التعريف من حرماننا حقوقنا الدستورية مثلا مدة 15 سنة فيما بين 1914 و1945؟

وكلمات اللغة تسيء إلى تفكيرنا الوجداني كثيرا كما يرى القارئ في كتابي «البلاغة العصرية واللغة العربية»، بل كثير من الأمراض النفسية وكثير من الجرائم يعزى إلى اللغة السيئة التي تحفل بكثير من الكلمات العاطفية. (6)

وهناك بالطبع التفكير النيوروزي، وهو تسلط العاطفة تسلطا قهريا على النفس، وفي بعض الأحيان يقع فيه فيلغي وجداننا بعض الوقت أو كله.

والآن وقد عرفنا ماذا يجب أن نتجنب؛ أي: ما هي الوسائل السلبية للتفكير الحسن يجب أن ننظر فيما يجب أن نأخذ به؛ أي: ما هي الوسائل الإيجابية للتفكير الحسن. (1)

وأول ذلك أن نعتمد على الروية؛ أي إن نعطي الوجدان الفرصة كي يتغلب على العاطفة، وكل من عانى التفكير يعرف أنه يحتاج إلى الحصانة كي ينضح ويخصب، كأن الذهن حين يمتد به الوقت يأخذ في التذكر والتخيل والمراجعة والمقارنة حتى ينتهي إلى الصورة المثلى، وعندي أن الحصانة هي الاستسلام للكسل والاسترخاء واللعب مدة قد تكون أسبوعا أو شهرا. (2)

Bilinmeyen sayfa