كابوس نرغب فيه ونشتهيه؛ لأنه ينفس عن عاطفة الخوف التي كظمناها. (2)
كابوس يدل على جرح نفسي لا يستطيع صاحبه أن يتخلص منه، فهو يجتر نكبته في يقظته ثم تعود كابوسا في نومه. (3)
كابوس ثالث يختلط بالرغبة الجنسية.
وثم كابوس رابع نستطيع أن نسميه «الكابوس البيولوجي» قد اقتضاه تطورنا، فكلنا يعرف أن كثيرا من الحيوانات لا ينام، أو أن نومه خفيف جدا كالفرس أو الحمار، وبدهي أن نوم الوحوش أخف من نوم الفرس أو الحمار، وعلة هذا أن الأخطار كثيرة جدا في الغابة والحياة الوحشية؛ ولذلك فإن الكابوس ينبه ويوقظ؛ أي إنه يأتي إلى النائم كي يحفزه على اليقظة حتى لا يقع فريسة لوحش ينسل إليه في الظلام.
ونظامنا النفسي مؤسس على الأخطار العديدة التي مرت بنا في مئات الألوف من السنين الماضية؛ فالنفس تطالبنا باليقظة وألا نستسلم للنوم كما لو كنا سكارى.
ومعظم أنواع الكابوس يتخذ شكل العبء الذي يجثم على الصدر حتى يضيق النائم بالنفس ويصرخ، والعادة أننا نقول: إن الأكلة الثقيلة السابقة للنوم قد ضغطت وأثقلت، وقد تكون هذه الأكلة هي السبب المباشر، وإن كان كثير من الكابوس يحدث حتى عندما ننام بلا عشاء، ولكن هذا الثقل هو نفسه رمز إلى حيوان جاثم يوشك أن يمزقنا؛ فالنفس تتنبه كي تستيقظ، وهو لهذا السبب مفيد - أو كان مفيدا، بل مفيدا جدا - أيام الغابة والوحوش حولنا، والصراخ مفيد؛ لأنه يوقظ من حولنا من الجماعة.
انظر إلى هذا الكابوس: رجل يحلم أن يده وذراعه قد صارتا مومياء، واللحم والجلد يتناثران منهما، فما المعنى؟
عندما يستيقظ يجد أنه كان قد توسد ذراعه فخدرت، فهنا يعد الكابوس تنبيها؛ إذ كيف يجوز لأحد أن ينام في الغابة ويده خدرة ؟ ألا يتعرض بهذا لأعظم الأخطار إذا كبسه نمر أو ضبع؟
وبدهي أنه إذا كثرت الهموم التي نعجز عن حلها كثر الكابوس، وفي حضارتنا نتحمل هموما كثيرة ونخاف كثيرا ونكظم مخاوفنا كثيرا فلذلك يكثر الكابوس، والمجتمع السليم الذي يربي الشخصيات المتفائلة التي تنظر إلى المستقبل راضية، يكاد يخلو من الكابوس.
الإيحاء والتنويم النفسي
Bilinmeyen sayfa