عدا يَعْنِي الأنفاس آخر الْعدَد خُرُوج نَفسك وفراق أهلك وَقَالَ بعض الصلحاء اغتنم تنفس الْأَجَل وَإِمْكَان الْعَمَل واقتطع ذكر المعاذير والعلل فَإنَّك فِي أجل مَحْدُود وَنَفس مَعْدُود وَعمر غير مَمْدُود
وَقَالَ غَيره أعمل عمل المرتحل فَإِن حادي الْمَوْت يحدوك ليَوْم لَيْسَ يعدوك فيطرحك فِي حُفْرَة لَا يخافك فِيهَا أحد وَلَا يرجوك
وَكتب رجل إِلَى بعض إخوانه أما بعد فَإِن الدُّنْيَا حلم وَالْآخِرَة يقظة وَالْمَوْت متوسط بَينهمَا وَنحن فِي أضغاث أَحْلَام وَالسَّلَام
وَكتب مُحَمَّد بن يُوسُف ﵀ إِلَى أَخ لَهُ سَلام عَلَيْك فَإِنِّي أَحْمد إِلَيْك الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ أما بعد فَإِنِّي محذرك من دَار منقلبك إِلَى دَار إقامتك وَجَزَاء أعمالك فَتَصِير فِي بَاطِن الأَرْض بعد ظهرهَا فيأتيك مُنكر وَنَكِير فيقعدانك وينتهرانك فَإِن يكن الله مَعَك فَلَا فاقه وَلَا بَأْس وَلَا وَحْشَة وَإِن يكن غير ذَلِك فأعاذني الله وَإِيَّاك يَا أخي من سوء مصرع وضيق مَضْجَع ثمَّ تبلغك صَيْحَة النشور ونفخة الصُّور وَقيام الْخَلَائق لفصل الْقَضَاء وامتلأت الأَرْض بِأَهْلِهَا وَالسَّمَوَات بسكانها فباحث الْأَسْرَار وسعرت النَّار وَوضعت الموازين ونشرت الدَّوَاوِين وَجِيء بالنبيين وَالشُّهَدَاء وَقضي بَينهم بِالْحَقِّ وَقيل الْحَمد لله رب الْعَالمين
فكم من مفتضح ومستور ومعذب ومرحوم وَكم من هَالك وناج فيا لَيْت شعري مَا حَالي وحالك يَوْمئِذٍ فَإِن فِي هَذَا مَا هدم اللَّذَّات وسلى عَن الشَّهَوَات وَقصر من الأمل وَأَيْقَظَ النَّائِم وَنبهَ الغافل أعاننا الله وَإِيَّاك على هَذَا الْخطر الْعَظِيم وأوقع الدُّنْيَا من قَلْبك وقلبي موقعها من قُلُوب الْمُتَّقِينَ فَإِنَّمَا نَحن لَهُ وَبِه وَالسَّلَام
وَأنْشد بَعضهم
مرادك أَن يتم لَك المُرَاد ... وتركض فِي مطالبك الْجِيَاد
وتمضي فِي أوامرك اللَّيَالِي ... فَلَا يعْصى هَوَاك وَلَا يكَاد
1 / 83