وَلست بمأجور فِي ألم الْحِرْص وَلَا فِيمَا تتحمل من مشقة الطّلب لاكثر مِمَّا تحْتَاج إِلَيْهِ وَرُبمَا تبرمت فِي الْحَال وَلم تنظر فِي الْمَآل وسخطت قَضَاء الله وَقدره عَلَيْك وَحكمه فِيك وإرادته لَك من أَفعَال الْخَيْر وأعمال الْبر وَفِي هَذَا مَا فِيهِ
وَقد تؤجر فِيمَا يصيبك من ألم الْمَشَقَّة فِي طلب أَكثر مِمَّا تحْتَاج إِلَيْهِ إِذا كَانَ لَك فِيهِ نِيَّة صَالِحَة من صَدَقَة أَو صلَة رحم أَو غير ذَلِك من أَفعَال الْخَيْر وأعمال الْبر
وَأما إِن كَانَ سعيك ذَلِك للتكاثر والتفاخر ومحبة فِي المَال فَلَا والحول وَالْقُوَّة لله وَحده
وَأما ذكر الْمَوْت والتفكر فِيهِ فَإِنَّهُ وَإِن كَانَ أمرا مُقَدرا مفروغا مِنْهُ فَإِنَّهُ يكسبك بِتَوْفِيق الله سُبْحَانَهُ التَّجَافِي عَن دَار الْغرُور والإنابة إِلَى دَار الخلود والاستعداد للْمَوْت وَالنَّظَر فِيمَا تقدم عَلَيْهِ وَفِيمَا يصير أَمرك إِلَيْهِ ويهون عَلَيْك مصائب الدُّنْيَا ويصغر عنْدك نوائبها فَإِن كَانَ سَبَب موتك سهلا وَأمره قَرِيبا هينا فَهُوَ ذَاك وَإِن كَانَت الْأُخْرَى كنت مأجورا فِيمَا تقاسيه مثابا على مَا تتحمله
وَاعْلَم أَن ذكر الْمَوْت وَغَيره من الْأَذْكَار إِنَّمَا يكون بِالْقَلْبِ وإقبالك على مَا تذكره وإي فَائِدَة لَك رَحِمك الله فِي تَحْرِيك لسَانك إِذا لم يخْطر بجنانك
وَإِنَّمَا مثل ذَلِك مثل من يكون فِي بعض أَعْضَائِهِ جِرَاحَة فيريد أَن يداويها فَيجْعَل الدَّوَاء على عُضْو آخر صَحِيح ويدع الْعُضْو الْمَرِيض لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء فَانْظُر كَيفَ يستريح هَذَا بِهَذَا التَّدَاوِي وَمَتى يستريح إِلَّا أَن يَأْتِيهِ الْبُرْء من بارئه والشفاء من خالقه ﷾
أَو مثل من يُرِيد أَن يوقظ نَائِما فيدعه فِي غمرة نَومه ويوقظ غَيره فَانْظُر كَيفَ يَسْتَيْقِظ لَهُ ذَلِك الَّذِي أَرَادَ إيقاظه بإيقاظ هَذَا الآخر أَو مَتى يَسْتَيْقِظ
1 / 60