وقد قلت في مكان آخر:
1
إن الرأي العام ليس خاضعا لأي قسر مطلقا، ولا حاجة لأن يكون ذا أثر في المحكمة التي تقام لتمثيله، ومن المتعذر أن يعجب كثيرا بالفن الذي كان هذا النابض، الضائع لدى المعاصرين تماما، يستعمل به عند الرومان، وعند الإسبارطيين بما هو أحسن مما عند الرومان.
ولما قدم رجل سيئ الأخلاق رأيا حسنا إلى المجلس الإسبارطي أهمله حفظة النظام، وأوجبوا اقتراح عين الرأي من قبل مواطن صاحب فضيلة، فيا للشرف لأحدهما! ويا للخزي للآخر! وذلك من غير أن يمدح أو يعاب أي منهما! ومما حدث أن دنس سكارى من ساموس
2
محكمة حفظة النظام، فلما كان اليوم التالي أبيح لأهل ساموس، بمرسوم عام، أن يكونوا أقذارا، فلو فرض عقاب حقيقي لكان أقل شدة من عفو كهذا! ولما نطقت إسبارطة بما هو صالح وما هو غير صالح لم تستأنف بلاد اليونان أحكامها.
الفصل الثامن
الدين المدني
لم يكن للناس في البداءة ملوك غير الآلهة وحكومة غير الحكومة الإلهية، وقد أتوا مثل تعقل كاليغولا، وقد أصابوا في تعقلهم بذلك ، وكان لا بد من تغيير طويل في المشاعر والأفكار حتى يمكن الناس أن يتخذوا أمثالهم سادة لهم راجين أن يلاقوا خيرا من صنعهم ذلك.
ولذلك وحده وضع الرب على رأس كل مجتمع سياسي، ومن ثم كان يوجد من الآلهة من هم بعدد الشعوب، وما كان الشعبان الغريب أحدهما عن الآخر، المتعاديان دائما تقريبا، ليستطيعا أن يسلما بسيد واحد زمنا طويلا، وما كان الجيشان المتقاتلان ليستطيعا أن يطيعا رئيسا واحدا، وهكذا تؤدي التقسيمات القومية إلى تعدد الآلهة، ومن هنا نشأ عدم التسامح اللاهوتي والمدني الذي هو هو بحكم الطبيعة كما نرى ذلك فيما بعد.
Bilinmeyen sayfa