Düşünürlerin İnançları
عقائد المفكرين
Türler
وإذا عدت بواعث القلق النفساني في القرن العشرين لم يكن كاريل غريبا عن واحد منها. بل صح أن يقال إنه عاش حياته كلها في حومتها سواء في القارة الأوروبية أو القارة الأمريكية، فقد تولى علاج الجرحى والمرضى في الحرب العالمية الأولى وتولى الإشراف على معهد روكفلر للتجارب العلمية، وتولى الإشراف على معهد الدراسات الإنسانية خلال الحرب العالمية الثانية، ولم ينقطع قط عن الاهتمام بالحياة في خلايا الجسد وفي أعماق الروح، وولد بفرنسا سنة 1873 ومات فيها بعد رحلات كثيرة سنة 1944، فكان مولده في غبار حرب السبعين، وكانت وفاته في غبار الحرب العالمية.
وليس في العلماء المعتقدين من هو أبعد منه شوطا في الإيمان بالله، وخلاصة إيمانه أن الله لازم للإنسان لزوم الماء والأكسجين، وأنه راقب آثار المادية في تجاربه بالولايات المتحدة فعزا إليها كثيرا مما يعرض للشباب من الخلل العقلي والحطة الخلقية، فضلا عن تعويد الفكر أن يتشبث بالآراء الحتمية، حتى يفقد القدرة على صحة الحكم والتبصر في الأمور.
ويؤمن كاريل بأن كل خلية في الجسم تتهدى بالعقل الأبدي إلى موضعها من البنية المرسومة، وتعمل في كل خطوة من خطواتها كأنها ترى تكوين الجسم كله ماثلا أمامها، ولهذا يعن له أن وجود الخلية الحية أبدي غير زمني، لأنها تحتوي الوجود المقبل قبل وجود الزمان، ويعن له كذلك أن الكون على رحبه مملوء بعقول فعالة غير عقولنا، وأن العقل الإنساني هاد قاصر بين دروب التيه التي حوله إذا كان معوله كله على هدايته، وأن الصلاة من وسائل الاتصال بالعقول التي حولنا وبالعقل الأبدي المسيطر على مقادير الأكوان قاطبة فيما هو ظاهر لنا وما هو محتجب عنا في طي الخفاء، وليست قوة الصلاة عنده مقصورة على صاحبها، ولا هي من قبيل الإيحاء النفسي الذي ينفع الإنسان لاقتناعه به في صميم وجدانه، بل هي قوة تسري من المصلي إلى غيره، ويستطيع أن ينفع بها غيره إذا توجه إلى الغيب داعيا له ملتمسا له الهداية والفلاح.
قال في رسالته الصغيرة عن الصلاة:
وليس من الضروري لحدوث هذه الظاهرة أن يصلي الإنسان لأجل نفسه. فقد شفي أطفال صغار لم يتكلموا بعد كما يشفى أناس لا يؤمنون في لورد (Lourdes)
لأن بجوارهم أناسا يصلون لهم. وكثيرا ما كانت الصلاة لغير صاحبها أنفع من صلاته لنفسه، وإنما تستمد الصلاة فعلها من عمقها وخلوصها.
وقال قبل ذلك في تعريف الصلاة: ... إن الصلاة على ما نرى تسام من النفس إلى أوج اللامادية من الدنيا، وهي على أكثر ما تكون شكاية أو ابتهال أو صرخة أو استغاثة، وهي في بعض الأحايين تأمل خالص في أصول الوجود ومصادره، ويصح أن يقال إنها ارتفاع بالروح إلى المقام الإلهي عنوانا للتوجه بالحب والعبادة إلى الذي منه صدرت الأعجوبة التي هي الحياة ...
والشعور بالجانب «المقدس» من هذا الوجود حالة لا تنفصل من حالة الخشوع الذي يلازم الصلاة، فلا صلاة مع الابتذال والجشع والتهافت على اللبانات، وإنما الصلاة تطلع مع الحب وفزع مع الثقة، وهي بهذا نوعان: مناجاة وابتهال، ومن الجهل بها أن يقال إنها أشبه شيء بأن يطلب الإنسان من الله أن يخل بنظام الكون ويغير الأسباب والمسببات؛ لأن المصلي وعقائده وملهماته جزء من نظام الكون وسبب من الأسباب التي يحيط بها علم الله. ثم ختم الرسالة قائلا:
والخلاصة أن الشعور بالقداسة مع غيره من قوى النشاط الروحاني له شأن خاص في الحياة؛ لأنه يقيمنا على اتصال بآفاق الخفاء الهائل من عالم الروح. وبالصلاة يسمو الإنسان إلى الله ويداخل الله سريرته. وهي على ما نرى ضرورة لا غنى عنها لنمو الإنسان في أرفع حالاته، ولا ينبغي أن ننظر إليها كأنها عمل لا يلجأ إليه غير الضعاف والمتسولين والجبناء كما قال نيتشه: إنها شيء مخجل. فما الصلاة بأدعى إلى الخجل من شرب الماء والتنفس، وإن الإنسان ليحتاج إلى الله حاجته إلى الماء والأكسجين، وهذا الشعور بالقداسة إلى قرائنه من الشعور بالبصيرة والحاسة الخلقية وذوق الجمال وضياء الفهم - هو تمام الازدهار والنضج للشخصية الإنسانية، ومما لا جدال فيه أن استيفاء حياتنا يتطلب منا أن ننمي كل نشاط فينا يشمل الجسد والذهن والعطف والروح، وما الروح خلو من العقل ولا من العاطفة. فمن واجبنا إذن أن نحب جمال العلم وجمال الله ...
وقد كانت رسالة الصلاة زبدة آراء العالم الطبيب في مسائل العقيدة، وأجمع منها لآرائه كتابه عن «الإنسان المجهول» (The Unknown Man)
Bilinmeyen sayfa