ويقومون في أثناء سياحتهم البحرية بمناقشات كثيرة حول فلسفة البائس بنغلوس، فيقول كنديد: «نحن ذاهبون إلى عالم آخر، وكل شيء في هذا العالم حسن لا ريب، وذلك مع الاعتراف بإمكان الأنين قليلا مما يحدث في عالمنا روحا وبدنا.»
وتقول كونيغوند: «أحبك من جميع قلبي، ولكن مع بقائي نافرة من جميع ما رأيت وما بلوت.»
ويجيب كنديد: «سيسير كل شيء سيرا حسنا، والآن يفضل بحر هذا العالم الجديد على بحار أوروبتنا، فهو أكثر سكونا، ورياحه أكثر ثباتا، ولا مراء في أن العالم الجديد خير ما يمكن من العوالم.»
وتقول كونيغوند: «حقق الله ذلك! ولكنني بلغت من البؤس الهائل في عالمي ما أغلق فؤادي معه دون الأمل تقريبا.»
وتقول العجوز لهما: «أنتما تتوجعان، آه! إنكما لم تبلوا من المصائب ما بلوت.»
وتكاد كونيغوند تضحك، فقد وجدت هذه المرأة الطيبة مفكهة كثيرا بزعمها أنها كانت أشد بؤسا منها، وقالت: «آه! يا حاضنتي، لا أجد ما يمكنك أن تفوقيني به ما لم يكن قد اغتصبك بلغاريان، وما لم تكوني قد طعنت بضربتي سكين في البطن، وما لم يكن قد هدم لك قصران، وما لم يكن قد قتل لك أبوان وأمان على مرأى منك، وما لم يكن قد جلد لك عاشقان بأمر تفتيشي، وإلى هذا أضيفي كوني ولدت بارونة من اثنين وسبعين جيلا من أجيال الشرف، فصرت طاهية.»
فأجابت العجوز: «أنت لا تعرفين أصلي أيتها الآنسة، ولو أطلعتك على استي، لم تقولي الذي قلته، ولأخرت حكمك.»
فأثار هذا القول حبا للاطلاع بالغا في نفس كونيغوند وكنديد، وإليك ما قالت العجوز.
الفصل الحادي عشر
قصة العجوز
Bilinmeyen sayfa