وكان هذا الدين قد دخل تلك البلاد في القرن الرابع الميلادي (1).
وهكذا خرج المسلمون قاصدين تلك الأرض مخافة الفتنة وفرارا إلى الله بدينهم فلحقهم الطلب لولا أن يسر الله لهم سفينة تنقلهم وتنقذهم ، وكانوا إثني عشر رجلا من بينهم عمار بن ياسر (2).
لقد كانت أرض الحبشة متجرا لقريش يجدون فيها سعة من الرزق وأمنا ، وكان بينهم وبين زعمائها علاقات ود وصداقة لذلك طمعوا في إرجاع أولئك النفر المسلمين بأن أوعزوا إلى عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد المخزومي أن يحملا معهما الهدايا للملك وحاشيته وأن يسألاه تسليمهم إياهم والرجوع بهم إلى مكة.
سار عمرو وعمارة حتى وصلا إلى الحبشة ، فلما استقرت بهم الدار طلبا من بعض المقربين للملك أن يكونوا عونا لهم على ما جاؤوا لأجله فوعدوهم بذلك ، ثم لما اجتمعا بالملك قالا له :
أيها الملك ؛ إن ناسا من سفهائنا فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دين الملك وجاؤوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنتم ولقد أرسلنا أشراف قومهم لتردهم إليهم.
ووفقا للخطة أشار أصحاب النجاشي عليه بتسليم المسلمين إليهم ، فغضب من ذلك وقال : لا والله ، لا أسلم قوما جاوروني ونزلوا بلادي واختاروني على من سواي حتى أدعوهم وأسألهم عما يقول هذان ، فان كانا صادقين سلمتهم إليهما ، وإن كانوا على غير ما يذكر هذان منعتهم واحسنت جوارهم ؛ ثم أرسل النجاشي إلى أصحاب النبي (ص) فدعاهم ، فحضروا وقد أجمعوا على صدقه فيما ساءه وسره ، وكان المتكلم عنهم جعفر بن أبي طالب.
Sayfa 47