وأغلق عامل المصعد الأبواب محدثا صوتا عاليا، ثم مس بيده أحد الأزرار، وهبط المصعد في الحال في فجوة تدوي بالطنين، وعاد العامل إلى ضوء كالشفق، هو ضوء السبات الذي ألف.
وكان الجو على السطح دافئا مضيئا، وكانت ساعة الأصيل في فصل الصيف تبعث على النعاس؛ لما يتردد فيها من طنين السيارات الطائرة
helicopters ، والدوي الشديد الذي تحدثه الطائرات الصاروخية، وهي تخترق السماء اللامعة مسرعة غير مرئية، على ارتفاع خمسة أميال أو ستة، كان أشبه ما يكون بملاطفة الهواء اللين، وشهق برنارد ماكس شهيقا عميقا، ورفع بصره نحو السماء وحول الأفق الأزرق، ثم في النهاية إلى وجه ليننا.
وقال في صوت مرتعش: «أليس هذا جميلا!»
فتبسمت له معبرة عن إدراكها لما يعنيه مع عطفها الشديد عليه، وأجابت وهي في نشوة من السرور : «الجو أصلح ما يكون للعبة جولف الموانع، والآن لا بد لي من أن أطير يا برنارد، إن هنري يغضب إذا خليته منتظرا. أخبرني في الوقت المناسب عن التاريخ.» ثم لوحت بيدها، وجرت إلى الجانب الآخر من السطح الفسيح المستوي صوب حظائر الطائرات، ووقف برنارد يرقب بريق الجوارب البيضاء وهي تعود القهقري، والركبتين المحترقتين من حرارة الشمس، وهما تنثنيان ثم تستقيمان بنشاط بالغ مرة بعد أخرى، والسراويل القصيرة المخملية المخططة الملتصقة بجسمها، وهي تدور برفق تحت سترتها التي هي في خضرة القوارير، وارتسمت على وجهه ملامح الألم.
وسمع خلفه صوتا مرتفعا مبتهجا يقول: «لا بد لي أن أعترف بجمالها.»
فتنبه برنارد وتلفت حوله، فإذا بوجه بنتو هوفر الأحمر المنتفخ، يشرق عليه بشيء من الإخلاص البادي، وكان بنتو معروفا بطبعه الطيب، مؤاخذا عليه، ويقول عنه الناس: إنه يستطيع أن يشق طريقه في الحياة دون أن يمس السوما، ولم يصب قط بالحقد وحدة المزاج، التي تصيب غيره من الناس فيستأجزونها، وكانت الحقيقة تسطع دائما لبنتو مشرقة كالشمس.
قال بنتو: «هو هوائي أيضا، ولكن كيف كان ذلك!» وبنغمة أخرى قال: «ولكني أراك مكتئبا، إنك في حاجة إلى جرام من السوما.» ودفع يده في الجيب الأيمن من سرواله، وأخرج منه قنينة، ثم قال: «إن سنتيمترا واحدا مكعبا يشفي عشرة مكتئبين ... ولكن اسمع يا ...»
والتفت برنارد فجأة، ثم انطلق.
وتابعه بنتو بالنظر محدقا فيه، وقال متعجبا: «ماذا عسى أن يكون بهذا الرجل؟» ثم هز رأسه، وقرر أن قصة صب الكحول في دم هذا المسكين، لا بد أن تكون صادقة، ثم قال: «أظن أنه مس ذهنه.»
Bilinmeyen sayfa