ثم سألهم المدير قائلا: «وتعرفون كذلك معنى «الوالد»؟»
فساد الحاضرين صمت مشوب بالقلق، واحمرت وجنات كثير من الأولاد خجلا، إنهم لم يتعلموا بعد أن يدركوا الفارق الهام - الدقيق جدا في غالب الأحيان - بين اللفظ البذيء والعلم البريء، وأخيرا تشجع طالب ورفع يده.
وتلعثم في لفظه واندفع الدم إلى وجنتيه، وهو يقول: «لقد كانت الكائنات البشرية فيما مضى تتناسل باللقاح.»
فأومأ المدير برأسه موافقا وقال: «هذا صحيح.» - «وعندما كان الأطفال يفرغون ...»
فصححه آخر: «بل يولدون.» - «كان هناك الوالدون - ولا أقصد الأطفال بالطبع، إنما أقصد الآخرين.» ثم غلب الاضطراب هذا الولد المسكين.
ولخص المدير الكلام قائلا: «كان الوالدان بالإيجاز: الأم والأب.» وهذه العبارة البذيئة - وهي في الواقع علم صحيح - سقطت كالصاعقة على الأولاد الصامتين، الذين كانوا يغضون الطرف عن المتكلم، ولكن المدير كرر كلمة «الأم» بصوت مرتفع، كي يزيل السكون السائد، ثم ارتد في كرسيه إلى الوراء، وقال في جد ورزانة: «أنا أعرف أن هذه الحقائق لا تسر، ولكن أكثر الحقائق التاريخية كذلك.»
ثم عاد إلى روبن الصغير، قال: «إن أباه وأمه تركوا الراديو مفتوحا سهوا في غرفته ذات مساء.
ويجب أن تذكروا أن الأطفال - في تلك الأيام التي كان الناس يتناسلون فيها بالتلاقح ويتكاثرون - كانوا ينشئون تحت رعاية آبائهم، ولا ينشئون في مراكز الدولة للتكييف.
وبينما كان الطفل نائما، بدأت لندن فجأة تذيع برنامجا، وفي صبيحة اليوم التالي تيقظ روبن الصغير وهو يكرر، كلمة كلمة، محاضرة طويلة ألقاها ذلك الكاتب العجيب القديم (وهو أحد القلائل الذين سمح لمؤلفاتهم أن تتحدر إلينا) برنارد شو، الذي كان يتحدث عن عبقريته - وفقا لتقليد قديم معتمد - واندهش والدا الطفل لذلك (وهنا تجاسر الجريئون من التلاميذ أن يتجهم كل منهم للآخر)، وقد غمز روبن الصغير بعينه، وأسر في نفسه ضحكة مكبوتة؛ لأن هذه المحاضرة كانت بالطبع غير مفهومة له، ولما تصور الوالدان أن طفلهما قد أصيب فجأة بالجنون، أرسلا في طلب الطبيب، وكان لحسن الحظ يفقه الإنجليزية، فأدرك أن الحديث هو ذلك الذي أذاعه شو في الليلة السابقة، وأدرك أهمية ما حدث، وأرسل خطابا بشأنه لصحيفة طبية.»
قال المدير: «وكان مبدأ التعليم أثناء النوم، أو هبنوبيديا، قد اكتشفت من قبل.» ثم سكت فترة كان لها أثرها في النفوس. «لقد اكتشف المبدأ، ولكن كان لا بد من أن تنقضي سنوات عدة، قبل أن يطبق بطريقة نافعة.
Bilinmeyen sayfa