Felaketler ve Engeller Dünyası
عالم السدود والقيود
Türler
وعلى هذا الشوق من المسجونين إلى أيام الزيارات لا تجد «مصلحة السجون» سريعة إلى شيء كسرعتها إلى انتحال الأعذار لإلغاء الزيارات عامة بحجة المرض تارة وبحجة الوباء تارة أخرى، فما هو إلا أن يشاع أن مرضا معديا ظهر في ناحية من أنحاء القطر حتى ينتهي خبر هذه الإشاعة إلى كل مسجون في كل زاوية من زوايا السجون؛ لأنه يصغي إلى «برج بابل» فلا يسمع فيه لغطا ولا ركزا، وما حاجته بعد ذلك إلى مطالعة الصحف ونشرات الأطباء!
قال لي مسجون من مدمني المخدرات حجبوه في اللحظة الأخيرة عن زيارة كان يتوقعها منذ أسابيع: إنني يوم ساقوني إلى السجن كان في بيتي اثنان مريضان بالحمى، فلماذا لم يغلقوا في وجهي باب السجن ذلك اليوم؟
قلت: إنه لمنطق سليم! فإن الحميات والأمراض وأوبئة العالم بأسره لن تحجب عن أبواب السجن هذا المدد الذي يتدفق كل يوم من خضم المجتمع الواسع، ولكن للمتهمين والجناة على ما يبدو من هذه التفرقة في المعاملة «خاطرا» عند مصلحة السجون ليس للزوار الأبرياء.
وفي حساب بعض السجناء أن «الزيارة» قيراط إذا كان الإفراج أربعة وعشرين.
قال بعضهم لواحد من أولئك السجناء الذين فجعتهم مصلحة السجون في بعض هذه القراريط: لا تعلم «المصلحة» هذا الحساب فتعطيك أربعا وعشرين زيارة و «تأكل عليك» الإفراج.
الطعام ومطالب الجسد
أيسر تجربة للمسائل العامة خليقة أن تؤكد لنا صحة هذه الحقيقة المأثورة، وهي أن المبدأ لذاته ليس بالمهم، أو ليس بالشيء الذي يستحق الجانب الأكبر من الاهتمام والدراسة، وإنما المهم قبل كل مهم هو تطبيق المبادئ وتنفيذها، فإن التطبيق في أيدي المصلحين قد يصلح المبادئ الفاسدة ويقوم اعوجاجها، كما أنه قد يفسد المبادئ الصالحة ويعكس مقاصدها إذا هو جرى على أيدي العجزة وأهل الفساد.
فليس الإصلاح إذن منوطا بالقاعدة والنظام، وإنما هو منوط بضمان التطبيق، وحسن الرقابة على التنفيذ.
وهذه الحقيقة تسري على مسألة الطعام في السجون أشد من سريانها على مسائل الدواوين الأخرى؛ لأن الإغراء حاضر والشكوى عسيرة وتحقيقها أعسر، وخوف السجناء من الشهادة الجريئة خوف غير مستغرب من أناس مهددين مملوكين في قبضة الحراس والرقباء، موسومين بالكذب والخداع عند المشرفين عليهم والموكلين بشئونهم، موصوفين بضعف الخلق، وضعف النخوة، وضعف الغيرة على الحق، وضعف الإبانة عنه، فإذا هم أحدهم بالشكاية ثناه ضعفه فأحجم، وإذا ألح عليه الضيم فأقدم بعد وجل وتردد لم يستطع الإفصاح ولا إقامة الدليل، ولم يجد من العطف والتشجيع ما يغنيه عن حسن البيان وقدرة الإثبات، وقد يخذله زملاؤه طلبا للسلامة وإيثارا للزلفى ومرضاة الحراس والرقباء، فالحاجة إلى مراقبة التنفيذ في مثل هذه الأحوال أشد وألزم، والثقة بالمبادئ والنظم أقل ثقة تعهد في مبدأ أو نظام.
ولو سئلت رأيي في تعديل طعام السجن من حيث المبدأ والنظام لما اقترحت من التعديل غير القليل: زيادة جزء من المواد السكرية وجزء من الفاكهة والسماح في الشتاء بالمشروبات الساخنة، وما عدا ذلك فهو غذاء صالح كما هو قائم الآن؛ لأنه يقوم على البقول عامة الأسبوع، والخضر النيئة مرتين في الأسبوع، وتستبدل الخضر المطبوخة مع اللحم بالبقول مرة أو مرتين على أقصى تقدير، وهذا على قلته كاف لحاجة الجسم ناف للضرر الذي يصيب الإنسان من نقص بعض الأصناف.
Bilinmeyen sayfa