Büyük İskender'in Dünyası
عالم الإسكندر الأكبر
Türler
فهل تسنى أيضا إقناع العائلات الأرستقراطية التي تسكن المرتفعات الجبلية؟ ربما كان نجاح فيليب الأولي في درء هجمات الإليريين حافزا قويا لمواصلة التعاون، ويدل منصب بارمنيون القيادي الرفيع الذي تولاه بحلول 356، عندما قاد المقدونيين إلى النصر على الإليريين، على أنه أمكن إقناع شخص واحد على الأقل. ويوما بعد يوم تطول قائمة المستقطبين من المناطق التي كانت ذات يوم مستقلة، على نحو ما سنرى في التطورات التي شهدتها علاقات فيليب مع العائلات النبيلة الأخرى.
كان أي قائد يحتاج بجانب قوة كبيرة من المشاة والخيالة إلى قادة معاونين، وكانت فروع السلالة الأرغية مصدرا محتملا، لكن فضلت عليها غالبا السلالات الملكية الإقليمية، فبداية لم يكن هؤلاء الملوك يشكلون تهديدات مباشرة للحكم الأرغي، وثانيا كانت هناك آصرة طبيعية تربط بين أبناء العائلات الأرستقراطية والفرق العسكرية التي تنتمي إلى مناطقهم. وقد استحدث فيليب سبلا لتحفيز التعاون، أو أعاد تأسيسها. توجد ملامح معينة تنسب إلى عهد أرخيلاوس، لكن الظروف التي سادت بين موته سنة 399 واعتلاء فيليب العرش سنة 359 قلما أثمرت تعاونا أكبر بين المناطق؛ مما استلزم إعادة اتخاذ الخطوات السابقة. كان مفتاح نظام حوافز فيليب هو التمييز بين الوظائف العسكرية المخصصة للنبلاء ولغير النبلاء، والمؤهلات المطلوبة للوفاء بتلك الوظائف. ويتضح التقسيم في أبسط صوره في لفظي هيتايروي وبيزهيتايروي؛ إذ كان النبلاء صحابة الملك، وأما غير النبلاء فكانوا صحابته المشاة؛ فمن الفئة الأولى كان يأتي قواده ومسئولوه الآخرون، بينما كانت الأخيرة تقدم الوحدات الأكبر عددا من المشاة (المعروفة باسم حملة الدروع أو الجنود المدرعين) والخيالة، وكانت الوحدات الخاصة داخل كلا الفرعين وحدات ملكية. ومع أن أي ملك قد يرجو استقطاب معاونيه دوما من أقاليم مملكته التي تدين له بالولاء، فربما يكون من الأحوط أن يستحدث مسارا مهنيا.
وقد فعل فيليب هذا بالضبط، فعله في مستهل حكمه، وعندما مات كان النظام يعمل بكامل طاقته (آريانوس، الكتاب الرابع، 13، 1). كان حجر الأساس تدريب أبناء البيوت النبيلة أثناء سنوات مراهقتهم؛ إذ كانوا يقيمون في بيلا لتدريبهم كغلمان للملك، وبفضل إقامتهم في بيلا صاروا يعرفون في المصادر باسم «بيلايوس»، بمعنى البيلاويين. وربما تراوح عدد هؤلاء الشباب بين 85 و200؛ ومع اتساع رقعة المملكة ازداد عدد المجندين، فتضمنت المجموعة شبابا من مقدونيا العليا والدنيا وإبيروس وأقاليم اليونان.
كان معظم التدريب بدنيا؛ إذ كان هذا النظام يشتمل على بعض ملامح نظام تعليم الذكور الإسبرطي الصارم، ونظام تعليم أبناء العائلات الأرستقراطية الفارسية، الذي كان غرضه - كما يخلص زينوفون في وصفه هذا التقليد الفارسي - تعريف الصبيان فورا كيف يحكمون وكيف ينقادون للحاكم (الأنباسة، الكتاب الأول، 9، 4). كانوا بصفتهم غلمان الملك يخدمونه ويحرسونه، وهذا دور مهم يقينا لأي ملك مقدوني، والطلاب الذين ينجحون - والمأمول أن يحوزوا الثقة - في هذا التدريب بتفوق ينالون في النهاية منصبا دائما يخدمون فيه ضمن حراس الملك الشخصيين («سوماتوفيلاكيس») السبعة، ساهرين على حمايته على الدوام.
كانت تلك التجربة تشتمل أيضا على مكون فكري فيما يخص بعض الشباب؛ إذ تشير المصادر إلى أن بعض غلمان الملك شاركوا الإسكندر في تلقيه التعليم على يد أرسطو. ويوصف رفاق ابن (أبناء) الملك المقربون هؤلاء بأنهم «سينتروفوي»، بمعنى «نشئوا مع» ذلك الابن. وكان من بين سينتروفوي الإسكندر: هفايستيون، وبطليموس بن لاجوس، وسلوقس، وربما بيرديكاس وليسيماخوس، وكلهم جميعا صاروا ضباطا كبارا تحت الإسكندر، وكلهم كتب له البقاء - عدا هفايستيون - ليعدوا من بين أقوى خلفائه. كان الوقت الذي قضوه في البلاط يهدف أيضا إلى تعزيز أواصر الولاء للبيت الأرغي الحاكم، مما يحد من ثم من الميول الانفصالية الإشكالية التي شابت معظم التاريخ المقدوني.
كان أي ملك يحتاج بجانب الحرس الشخصي إلى رجال على درجة عالية من التدريب يمكنهم الخدمة كقادة عسكريين لفرق جيشه. تطلب الجيش المؤلف من 35 ألف رجل، الذي ورثه الإسكندر عن فيليب، عددا من هؤلاء الضباط. وكانت الحاجة تدعو إلى مزيد من الضباط للحاميات ومتابعة الشئون في بيلا ذاتها؛ لأن الملك الحاكم لم يكن يستطيع الإشراف شخصيا على كل تدريب لغلمان الملك، أو التحقق من استلام الإيرادات وتخصيصها، أو استلام جميع المراسلات وصياغتها. وصارت المناصب ذات الأهمية المتزايدة هدف شباب الأسر الأرستقراطية الذين دربوا في أول الأمر في بيلا.
غير أن الرجال الذين كانت توكل إليهم مسئوليات جسام، كانوا أكثر حنكة من غلمان الملك الحديثي التخرج. ويبدو أن مستوى وسيطا من تدريب غلمان الملك كان يشتمل على الأرجح على قتال فعلي. وثمة اقتراح منطقي وهو أن الضباط المتدربين كانوا، ببلوغهم من العمر 19 أو 20 سنة، يخدمون في وحدات المشاة الملكية أو الفرسان التي ميزها فيليب عن الوحدات العادية، وكان المشاركون فيها نخبة الهيتايروي الذي يشتبكون مع العدو تحت قيادة الملك شخصيا. وهكذا واصل أولئك الشباب الأرستقراطيون، الذين بدءوا تدريبهم في بيلا، تدريبهم بصفتهم مدرعي الملك وفرسانه تحت عيني الملك ذاته.
بالإضافة إلى التطويرات التي أدخلت على كل من هيكل الجيش وبرنامج استقطاب المعاونين، أحدث فيليب ابتكارات كبيرة في الأسلحة والدروع، وتشكيل الجنود، والتكتيكات، وإسباغ الصفة الاحترافية على وضعية الجيش.
من ناحية الهيكل الأساسي، ظل فيلق المشاة المسلحين عنصرا ضروريا من عناصر الحرب، كحالهم في اليونان منذ العصر العتيق؛ غير أن قوات المشاة المقدونية كانت تختلف عن الإغريق من نواح عديدة؛ إذ استخدم فيليب تشكيلا عميقا استنادا إلى معرفته الشخصية بالتغييرات التي استحدثت في طيبة في ثمانينيات القرن الرابع وسبعينياته، فكانت وحدة الفلنكس المقدونية بعمق 16 صفا وعرض 16 صفا. وعلى سبيل المقارنة نقول إن الفلنكس الإغريقي لم يزد عمقه عن 4-8 صفوف. وكان الرجال الذين يحتلون الصف الأمامي في التشكيل المقدوني قادة من يصطفون من خلفهم. كان الجندي أو فرد المشاة الثقيلة يحتمي بدرعين للساقين وخوذة ودرع معدني للصدر وترس، وكان يحمل رمحا خشبيا («ساريسا») طوله نحو 13-14 قدما (4 أمتار) وسيفا كسلاح ثانوي. كان عتادهم أخف وزنا من عتاد المشاة الثقيلة الإغريقية؛ مما زاد سرعة الجيش في سيره.
كما سبق أن نوهنا كانت قوات المشاة أكثر تنوعا من الفلنكس الإغريقي، وكان ثلاثة آلاف رجل يؤلفون فيلق مشاة نخبويا، وهو فيلق الجنود المدرعين الملكيين. ومع عدم وضوح أصل هذه الوحدة، فالجائز أنها بدأت كقوة حرس شخصي صغيرة للملك. كان الجنود المدرعون النخبويون، بتسليحهم الأخف من جنود المشاة العادية، يتمركزون في الغالب في الجناح الأيمن للجيش بين الفرسان عن يمينهم والفلنكس عن يسارهم. بل كانت ثمة أيضا فرقة أخرى جنودها أخف تسليحا تتألف من رماة سهام ورماة مقاليع، توفر قدرة بعيدة المدى، وكانت أهدافها في المعركة تختلف أيضا عن أهداف المشاة الإغريقية؛ إذ كانت مهمتها تثبيت القوة المعادية بحيث تتسنى لوحدات الخيالة والمشاة الخفيفة المهاجمة من المؤخرة والأجناب، وكذلك اغتنام الفرص لاختراق الثغرات التي يتم إحداثها في صفوف مشاة العدو.
Bilinmeyen sayfa