Kaldırımların Kenarında
على هامش الأرصفة
Türler
ولكنها ترفض بشدة.
عادت «محاسن» للبيت وانضمت لفريق العمل بعدما أقنعت «منى» نفسها بأن تتفرغ لأجل طفلتها القادمة، فكانت تقضى جل وقتها في حياكة ملابسها الصغيرة، وصنع سرير المرجيحة من السعف، وتجهيز العطور وغيرها من ضرورات النفاس، كانت تحس في قرارة نفسها أنها في الطريق الصحيح، وأن المخاطر التي يتحدثون عنها لا وجود لها إلا في أذهان الأطباء وعاطفة والدها، ولأنها كانت تخشى أن تدس لها بعض العقاقير في الطعام أو الشراب لكي تجهض حبلها؛ فكانت تصنع طعامها الخاص بيديها، ولو أنها أجبرت أختها أمل على أن تقسم على المصحف بأنها لن تفعل شيئا يفقدها «سارتها».
في ذلك الشهر، كان إضراب الأطباء عن العمل احتجاجا على عدم توافر الأدوية ومعدات العمليات والفحص والتشخيص، بالإضافة إلى ممارسات جهاز الأمن والاحتياطي المركزي وقوات الشرطة العنيفة ضد طلاب المدارس والجامعات في شوارع المدينة طلبا للخبز والديمقراطية ورفع حالة حظر التجوال والطوارئ، وقد فشل الإضراب، واعتقل دكتور محمد فتحي لدوره في تنظيمه ومشاركته الفعالة في تنفيذه، ولم يطلق سراحه إلا بعد ستة أشهر؛ أي في الشهر الثامن لحبل «منى».
ففي تلك الأيام العصيبة كانت «منى» تعاني آلام المخاض.
في الوقت الذي كانت «منى» في أوج سعادتها تسبح في عبق الفرحة المنتظرة، كانت أسرتها جميعا في عمق القلق ونار الترقب ينتظرون، أما الدكتور محمد فكان متفردا في حزنه نسبة إلى إيمانه المطلق بأن منى لا محالة ذاهبة إلى حيث لا رجعة. ولأنها كانت تعني له الكثير؛ كان حزينا لأجلها: «هذه المرأة أول من أحببت، والأخيرة أيضا.» - أحس بحزنك، ولكني سأفاجئك وألد ابنتي في سلام تام، فماذا تقول؟ ألم تقل لي من قبل إني عادية وطبيعية فقط في خلق مختلف؟! فها أنا أؤمن بقولك، وإذا بك تكفر بما تقول؟! - لا تدريب كما الآخر يختلف في حالة الحبل والولادة. - لا، لا يختلف أنا أحس بذلك.
ولكن تدريجيا تلاشت شجاعتها، وكلما اقتربت من زمن الوضع، كبرت مخاوفها وتبدد يقينها، وكفرت هي الأخرى بمعرفتها. - هل سألد بسلام؟! - بالتأكيد، فلقد كانت مخاوفنا كاذبة، فقط هدئي من روعك وكوني طبيعية، وبعد ساعات سترين «سارة».
كان الجو غائما، الرياح الجنوبية تبشر بالأمطار.
وهتاف الطلاب والعمال والنسوة ينبثق من عمق الأمكنة السحيق محملا بفرقعة غدارات العسكر وصراخ الجرحى، أما رائحة البمبان الحارقة فتتسلق متين الريح لتغمر كل فج بشرورها، فتدمع المقل الحزينة ويختنق الأطفال.
و«سارة» في العمق المشوه والجسد الجميل سجينة لا تجد منفذا تعانق به نور الشمس. الحوض معكوس، والظهر لا يمكن شقه، ما بين الرحم وسطح البطن أحشاء، كل شيء كان مستحيلا، مغلقا وقاتما.
قال البروفسور: يجب أن ننقذ إحداهن!
Bilinmeyen sayfa